الحمد لله الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، فهو الأول الذي لا شيء قبله، وهو الآخر الذي لا شيء بعده، وهو الظاهر الذي لا شيء فوقه، وهو الباطن الذي لا شيء دونه، سبحانه سبحانه سبحانه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصلِ اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل مني وإياكم صالح الأعمال، وأن يجمعنا في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد النبيين في جنته ودار كرامته؛ إنه ولي ذلك ومولاه، وهو على كل شيءٍ قدير.
أحبتي في الله! لا زلنا نعيش بفضل الله جل وعلا، مع قول الله تبارك وتعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} [الأعراف:187] أي: كأنك عالم بوقت وقوعها: {يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:187].
ولا زلنا الليلة إن شاء الله جل وعلا، نعايش أحداث الساعة، تلك الأحداث المرعبة المزلزلة، وقد انتهينا في الليلة الماضية من النفخة الأولى ألا وهي: نفخة الصعق، ونحن الليلة على موعدٍ -أيها الأخيار- مع النفخة الثانية ألا وهي: نفخة البعث.
وذلك مصداقاً لقول الله جل وعلا: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر:68] هذه هي النفخة الثانية بنص حديث مسلم ونحن إن شاء الله جل وعلا نلتزم بما ورد في الأحاديث الصحيحة ففيها الغنية، وفيها الكفاية إن شاء الله تعالى.
(ثم نفخ فيه أخرى) أي: في الصور (فإذا هم قيامٌ ينظرون) وأعيروني القلوب والأسماع؛ لأن قضية البعث من القضايا التي شكك فيها المشككون قديماً وحديثاً.