وكنا قد أنهينا الحديث في اللقاء الماضي عن العلامات الصغرى التي ستقع بين يدي الساعة، وحديثنا من اليوم إن شاء الله تعالى عن العلامات الكبرى التي ستقع قبل قيام الساعة مباشرة، وقد ذكر النبي هذه العلامات في حديثه الصحيح الذي رواه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال حذيفة: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال المصطفى: ما تذاكرون؟ فقالوا: نذكر الساعة يا رسول الله! فقال المصطفى: (إن الساعة لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، وهي: الدخان، والدجال، والدابة، ونزول عيسى بن مريم، وطلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم).
ولقد ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه العلامات بغير هذا الترتيب في روايات أخرى صحيحة، والذي يترجح من الأخبار كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أن خروج الدجال هو أول الآيات العظام التي تؤذن بتغير الأحوال على وجه الأرض، وتنتهي هذه المرحلة بموت عيسى بن مريم، وأن طلوع الشمس من مغربها هو أول الآيات التي تؤذن بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة، ولعل خروج الدابة يكون في نفس اليوم الذي تطلع فيه الشمس من مغربها، والله أعلم.
ولكن على أيّ حال فإن العلامات الكبرى ستقع متتابعة، فهي كحبات العقد إذا انفرطت منه حبة تتابعت بقية الحبات.
وليس هذا من عندي، بل هذا كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، ففي الحديث الذي رواه أحمد والحاكم في مستدركه وصححه على شرط مسلم وأقره الحافظ الذهبي والألباني من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأمارات -أي: العلامات- الكبرى خرزات منظومات في سلك، فإن يقطع السلك يتبع بعضها بعضاً).