جاء في مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان، وصحح السند الحافظ ابن حجر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (فيهلك الله في زمان عيسى الملل كلها إلا الإسلام) {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:19]، وكما وعد في قرآنه: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة:33]: (فيهلك الله الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك الله المسيح الدجال، وتنزل الأمنة في الأرض -أي: الأمان- حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم) الله أكبر! وفي حديث أبي أمامة وسنده صحيح، قال المصطفى: (فيكون الذئب مع الغنم كأنه كلبها، ويمر الوليد على الأسد فلا يضره، وتمر الوليدة على الحية فلا تضرها)، رفع الظلم واستقر الأمن والأمان والرخاء، وزادت البركة، وكثر الخير.
بل وفي رواية النواس بن سمعان قال صلى الله عليه وسلم: (فيقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، ويبارك في الضرع حتى إن اللقحة من الإبل -وهي التي وضعت ولدها حالاً- لتكفي الفئام من الناس -أي: لتكفي الجماعة الكبيرة من الناس- وإن الرمانة لتكفي الفئام من الناس، وإنهم ليستظلون بقحطها) بكسر القاف أي: بقشرة الرمانة.
بركة عجيبة! فهذه الرمانة التي تراها في يدك، سترى لها حجماً آخر في أوقات البركات التي تتنزل على الأرض من رب الأرض جل وعلا.
وهكذا -أيها الأحبة- تعيش الأرض حالة فريدة، وفي الحديث الذي رواه الديلمي والضياء المقدسي وصححه الألباني في الصحيحة من حديث أبي هريرة، أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: (طوبى لعيش بعد المسيح! طوبى لعيش بعد المسيح! يؤذن للسماء في القطر، ويؤذن للأرض في الإنبات، حتى لو وضعت حبك على الصفا -أي: على الحجر- لنبت)! وأكتفي بهذا القدر، وأسأل الله أن يملأ قلوبنا وإياكم إيماناً باليوم الآخر، وأن نأخذ هذا الكلام مأخذاً يجعلنا مستعدين لذلك اليوم وتلك اللحظات، وللقاء رب الأرض والسماوات، فإن الحديث عن الآخرة وعلاماتها ليس من باب الترف الفكري، ولا من باب الثقافة الذهنية الباردة، وإنما الإيمان باليوم الآخر وعلاماته ركن من أركان الإيمان.
أسأل الله أن يملأ قلوبنا وإياكم إيماناً به، وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
اللهم استرنا ولا تفضحنا، وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا.
اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.
اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض، واسترنا يوم العرض، اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض، واسترنا يوم العرض.
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع المبارك ذنباً إلا غفرته ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً بيننا إلا هديته، ولا طائعاً إلا زدته وثبته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً.
اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى، اللهم إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين، ولا مفرطين ولا مضيعين ولا مغيرين ولا مبدلين.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، وبلغنا مما يرضيك آمالنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان وجميع بلاد المسلمين، اللهم ارفع عن مصر الغلاء والوباء والبلاء برحمتك يا رب الأرض والسماء! اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن إنك على كل شيء قدير.
أيها الأحبة الكرام! هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه، ثم يلقى في النار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.