الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين، أما بعد.
فيا أيها الأحبة الكرام: لو تجولنا في بستان المتوكلين ربما قضينا العمر كله، وما استطعنا أن نقف أمام كل زهراته ووروده ورياحينه لنستنشق عبيرها ولنستمتع بأريجها وعطرها، فإن هؤلاء الأطهار هم عمر الزمن ونبض الحياة، ومن المحال أن نحسب أنفاس الزمن أو أن نقدر نبض الحياة، فلقد أنجبت الأمة الميمونة المرحومة أمة الحبيب المصطفى محمد؛ أنجبت على طول تاريخها رجالاً من المتوكلين، لو وقفنا أمام سيرهم العمر كله لانقضت الأعمار وانقضت الآجال وما انتهينا من التطواف والتجوال في هذا البستان العظيم.
فهذا هو صاحب ذروة سنام الصديقية في هذه الأمة، أبو بكر، الذي يقول ابن القيم: هذا هو أبو بكر الصديق الذي عاين طائر الفاقة يحوم حول حب الإيثار، فألقى له الصديق حب الحب على روض الرضا، واستلقى الصديق على فراش الفقر آمناً مطمئناً، فرفع الطائر الحب إلى حوصلة المضاعفة، ثم تركه هنالك وعلا على أفنان شجرة الصدق ليغرد للصديق بأغلى وأعلا فنون المدح، وهو يتلو في حقه قول ربه: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى} [الليل:17].
أبو بكر الذي أمر النبي أصحابه بالإنفاق فجاء بكل ماله.
وهذا أمر عظيم من منا يقدر عليه الآن، بل من منا يقدر الآن على ربعه، بل من منا الآن يقدر على أن يتخلص من جزء كبير من ماله لله؟! وهذا عمر رضوان الله عليه جاء بنصف ماله، لكن الصديق جاء بكل ماله، فقال له المصطفى: (ما أبقيت لأهلك يا أبا بكر؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله)، توكل ورب الكعبة لا يستطيع بليغ أن يجسده لحضراتكم الآن.
وهذا عمر كما روى ابن أبي الدنيا بسند صحيح -يرى أناساً من اليمن، فيقول: من أنتم؟ فقالوا: نحن المتوكلون، قال: بل أنتم المتواكلون، إن المتوكل من ألقى الحب وتوكل على الله.
أيها الأحبة الكرام: لا أريد أن أزيد على الساعة ففيها الكفاية، وأسأل الله أن ينفعني وأن ينفعكم بها، وأن يتقبل منا ومنكم جميعاً صالح الأعمال.
اللهم ارزقنا التوكل عليك، اللهم ارزقنا التوكل عليك، اللهم ارزقنا الثقة فيك، اللهم ارزقنا الثقة فيك، اللهم ارزقنا الثقة فيك.
اللهم استرنا ولا تفضحنا، وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا! اللهم احقن دماء المسلمين في العراق وفي أفغانستان وفي السودان وفي فلسطين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم عليك باليهود وأعوانهم، اللهم عليك باليهود وأعوانهم، اللهم عليك باليهود وأعوانهم.
اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم لا تحرم مصر من الأمن والأمان.
اللهم لا تحرم مصر من نعمة الأمن والأمان، اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وسائر بلاد المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم لا تجعل لأحد منا في هذا الجمع الكريم ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً بيننا إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ميتاً لنا إلا رحمته، ولا عاصياً بيننا إلا هديته، ولا طائعاً معنا إلا زدته وثبته، ولا حاجة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً ولا محروماً.
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى! اللهم استر نساءنا، اللهم استر نساءنا، واحفظ بناتنا، وأصلح شبابنا، واهد أولادنا واجعلهم قرة عين لنا يا رب العالمين.
اللهم رب أولادنا في ظلال القرآن، اللهم رب أولادنا في ظلال القرآن، اللهم رب أولادنا في ظلال القرآن، اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم! أحبتي في الله؛ هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم، ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه!