قال صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي وقد احتوشته زبانية جهنم، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستخلصه من بين أيديهم، ورأيت رجلاً بينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه مع الناس فرفع الحجاب الذي بينه وبين الله، فتطلع إلى وجه الله بكرة وعشياً)، فهذا حسن الخلق، والسيدة أم سلمة تقول: (يا رسول الله! الواحدة منا تتزوج الواحد والاثنين والثلاثة فيموت أو يطلقها فيتزوجها غيره، فتتزوج بمن يوم القيامة إن دخلوا الجنة كلهم؟ فقال: يا أم سلمة! تتزوج أحسنهم خلقاً، يا أم سلمة! ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة)، وأنا أريد أن يقول الناس عنك: إنك ملك من الملائكة، وأنك خفيف ولطيف ومثل النسمة، إذا جلس لا تسمع صوته، ووالله أعرف أناساً -رحم الله من مات منهم، وغفر لمن هو على قيد الحياة وقواه وقوانا على طاعة الله- يعزفون عن معاملة الناس وينطوون على حالهم، وقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (عاشروا الناس معاشرة حتى إذا غبتم عنهم حنوا إليكم، وإن متم ترحموا عليكم)، فعندما يغيب يحن إليه، وإلى جلوسه معه، وإن مات الرجل الصالح قال: رحمة الله عليه، وانظر بعد مئات السنين أكثر من ألف وأربعمائة سنة كلما نقول: أبا بكر أو عمر أو عثمان قلنا: رضي الله عنهم.
وقد قص علينا أستاذ فاضل قصة لطيفة فقال: أحد الوعاظ من إخواننا الدعاة خطب خطبة عن الحساب يوم القيامة، وأن الموضوع صعب، ولم يذكر فيه آية من آيات الرحمة، وكان شيخ العرب قاعد يسمع الرجل، حتى أكمل الخطبة فقال له: يا سيدنا الشيخ! قال: نعم، قال: الموقف الذي أنت تتكلم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم موجود؟ قال: نعم، قال: وفيه أبو بكر رضي الله عنه؟ قال: نعم، قال: وفيه عمر بن الخطاب؟ قال: نعم، قال: وفيه عثمان بن عفان؟ قال: نعم، قال: وعلي بن أبي طالب؟ قال: نعم، فقال: هؤلاء موجودون كلهم وتقول: العذاب، يا إخوانا ربنا سيرحمنا يوم القيامة، وهذا الرجل الذي جاء من الحكومة كذاب، سبحان الله! لا إله إلا الله! وحتى لو جاء من عند الحكومة فإن الذي يقوله: قال الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن نسأل الله أن يرحمنا وإياكم.
فحسن الخلق كشف الحجاب الذي بينك وبين الله عز وجل، اللهم حسن أخلاقنا يا رب! وادع ربنا وأنت ساجد دائماً: اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي.