ومن موجبات عذاب القبر: خطباء الفتنة الذين يثيرون النعرات القبلية، ويألبون الناس ضد بعضهم، الخطباء المروجون لكل شر، فخلقوا النزاعات بين الناس، وأصبحنا كأننا في عالم الغابة مرة أخرى، وقد كان الصحابي يضع التمرة في فم أخيه فيجد حلاوتها في فمه.
وكل هذه الأعمال التي يقوم بها بعض الخطباء لن تنفعهم يوم القيامة، ولن ينفعهم في القبر ما عملوه وما نافقوه وما صنعوه.
وقد وصف أحد الحكماء حال الإنسان منذ أن يموت إلى أن يدخل القبر، وهو أبو العتاهية فقال: وكأنْ بالمرء قد يبـ ـكي عليه أقربوه وكأن القوم قد قا موا فقالوا: أدركوه سائلوه كلموه حركوه لقنوه فإذا استيأس منه الـ ـقوم قالوا حرفوه حرفوه وجهوه مددوه غمضوه عجلوه لرحيل عجلوا لا تحبسوه ارفعوه غسلوه كفنوه حنطوه وإذا ما لُفَّ في الأكـ ـفان قالوا فاحملوه أخرجوه فوق أعوا د المنايا شيعوه فإذا صلوا عليه قيل هاتوا واقبروه فإذا ما استودعوه الـ ـلأرض رهناً تركوه خلَّفوه تحت ردم أوقروه أثقلوه أبعدوه أسحقوه أوحدوه أفردوه ودعوه فارقوه أمسكوه خلَّفوه وانثنوا عنه وخلَّوه كأن لم يعرفوه وقال أبو العتاهية أيضاً وهو في لحظات الاحتضار أو الموت: كأن الأرض قد طويت عليا وقد أخرجت مما في يديّا كأني يوم يُحثى الترب قومي مهيلاً لم أكن في الناس شيا كأن القوم قد دفنوا وولوا وكلٌ غير ملتفتٍ إليا كأني صرت منفرداً وحيداً ومرتهناً هناك بما لديّا كأن الباكيات علي يوماً وما يغني البكاء علي شيّا ذكرت منيتي فبكيت نفسي ألا أسعد أُخيَّك يا أُخيّا ألا من لي بأنسك يا أخيا ومن لي أن أبثك ما لديا ثم قال: أشهد أن لا إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وفاضت روحه.
وهذا يدل على أن تاريخ حياته كان خيراً، فيختم له بخير، اللهم أحسن خاتمتنا يا رب العالمين.