قال تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} [الرعد:22] كأن تصبر على زوجتك تبتغي بذلك وجه الله؛ لأن أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة جرعة غيظ تجرعها المؤمن وهو قادر على إنفاذها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
يحكى أن أحد المريدين دعا شيخه إلى بيته فأجابه، ففرح المريد وأعد له طعاماً فجاءت الدجاجة فقفزت على الطعام فصرفوها عنه، ثم إن الشيخ دعا المريد إلى بيته، وعندما ذهب المريد إلى بيت الشيخ ذهب وفي قلبه للشيخ هيبة وإجلال، وبينما هو جالس في بيت الشيخ ينتظر الطعام إذا به يسمع زوجة الشيخ ترفع صوتها عليه وتكلمه كلاماً لا يتناسب مع مقامه وتغضب عليه وهو صابر، فاستنكر المريد وعظم ذلك عليه، إذ كيف تهين المرأة الشيخ الذي يجله الناس ويكرمونه ويتبعونه.
ودخل عليه الشيخ فوجد وجهه متغيراً فعرف ما في نفسه فقال له: يا بني، لقد كنا عندكم الجمعة الماضية فقفزت الدجاجة إلى وسط الطعام فماذا صنعنا بها؟ قال: لا شيء.
قال: فإني أنزلت زوجتي منزلة الدجاجة! وهذا هو الصبر الحقيقي.
جلس الحسن البصري رحمه الله وسط المريدين، وكان أهل العراق يحبونه، فأحد الحاضرين جاء وداس على رجل الحسن، والحسن البصري يبتسم، ثم قال لهم: إن أحدكم إذا ضرب رجله في حجر؛ فسقط على وجهه فهل يضرب الحجر؟ قالوا له: لا، قال لهم: فأنا أنزلته منزلة الحجر! انتهت القضية بسهولة، فأنت تصبر ابتغاء مرضاة الله إذا آذاك أحد لأن الصبر يشعرك بأمرين: أنك انتصرت على نفسك وعلى الشيطان، وأخذت ثواباً لا يعلمه إلا الله، اللهم اجعلنا من الصابرين يا رب!