ثم في الآية التي بعدها يقول: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67].
فكل خليل يمسك بيد خليله يوم القيامة؛ ولذلك روي في الأثر: (أكثروا من الأخلاء الصالحين؛ فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة).
فتكثر من الأصحاب، فإن لم يأخذك هذا يأخذك هذا.
والخليل ينكر خليله يوم القيامة، فأصحاب القهاوي والانحرافات والنوادي لا يعرف بضعهم بعضاً، {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر:16] فأنا وأنت عبدان مأموران؛ لأن العبودية عبوديتان: عبد عبادة، وعبد عبودة.
فعبد العبادة: أن يعبد الله رب العالمين.
وعبد العبودة: أن يعبد المال والزوجة والجاه والمنصب والمسئولين.
والعبودية هذه عبودية وذل، والمؤمن لا يذل إلا لله، ويذل للمؤمنين، ويصبح عزيزاً على الكافر.
قال تعالى: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67] المتقي يقال له وهو خارج من القبر: أكان لك خليل في الدنيا تحبه؟ قال: أنا كنت أحبه؛ لأنه الذي أخذ بيدي إلى الخير وهو الذي علمني الصلاة، وهو الذي صنع في كذا، قال: تحب أن تراه؟ قال: أتمنى؟ فيذهب إلى الثاني فيقول: هل كان لك خليل في الدنيا تحب أن تراه؟ فيقول: نعم، أنا أتيت أزرع فيه خيراً فوجدت عنده خيراً كبيراً جداً، وأتيت أعلمه فأصبحت أتعلم منه لما وجدته استقام على الطريق، فيقال: خذوا بأيدي بعض وادخلوا الجنة.