ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم خرجوا في مفازة، فلما أيقنوا الهلكة بعد أن فرغ منهم الطعام والشراب، خرج عليهم رجل، قالوا: إن هذا رجل قريب عهد بريف)، يعني: شكله يقول: إنه ليس من أهل السفر؛ لأن المسافر في الصحراء أو في السفر يظهر عليه الرمل والغبار والتراب، ولكن هذا شكله يظهر أنه قادم من ريف، (قال: يا قوم! أئن دللتكم على طعام وشراب ومسكن أتعطوني مواثيقكم على الطاعة؟ فأعطوه مواثيقهم، فلما ذهبوا واستقر بهم المقام)، أي: قعدوا وأكلوا وشربوا وارتاحوا.
(قال لهم: يا قوم عند الصباح سوف يغير علينا جيش، فما علينا إلا أن نرحل الساعة، فمنهم من أطاع، ومنهم من قال: أنا لا أرحل عن هذا النعيم، فلما أصبح الصباح - أخذ الذي معه وأطاعوه- غار عليهم الجيش فما بين قتيل وأسير).
ومن الذي أتى لهم من الريف؟ سيدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يمثل نفسه بهذا الرجل الذي جاء من الريف؛ ليريحك من الدنيا ويجعلك راضياً قانعاً، ذكر الله طعامك، والتوكل على الله سقاؤك، والرضا عن الله مسكنك، ثم قال لك: أطعني، فإن أطعتني دخلت الجنة، وإن عصيتني دخلت النار، والذين سلكوا خلف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نجوا، والذين انحرفوا عنه هجمت عليهم شياطين الدنيا فما بين قتيل وأسير.
وانظر ما أحلى كلام الحبيب صلى الله عليه وسلم، وما أجمل تشبيهاته، اللهم اجعلنا من أتباع رسولك يا رب العالمين!