قوله: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان:68] أي: عندهم التوحيد الخالص، {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان:68] قلنا: إن القتل نوعان: نوع مادي، ونوع معنوي.
والقتل العمد لا جزاء له إلا النار: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء:93] والعياذ بالله! والذي يقتل مسلماً خطأ عليه دية، والدية مائة ألف جنيه، كشخص صدم شخصاً بسيارة فمات، يدفع لأهله مائة ألف جنيه، فإذا لم يستطع دفع أهله معه، الذين سوف يرثون منه إلا أن يعفو أهل القتيل، فإذا لم يجد مائة ألف جنيه دية يصوم شهرين متتابعين.
وهذا الكلام للمرأة التي أجهضت سواء بأمر زوجها أو برأيها أو برأي الطبيب الذي ليس بمسلم لمجرد أنها ذهبت إليه وقالت له: عندي ثلاثة عيال، وعندي غرفة وصالة ومرتب قدر ستين جنيهاً فتأتي بالمقدمة من أجل أن تعمل إجهاضاً، فهذا حرام، وقتل للنفس المحرمة، السادة العلماء الذين علمونا الفقه أفتوا ألا نقدم على هذا الفعل إلا بفتوى من طبيب مسلم ماهر، يعني: يكون معروفاً ومشهوداً له بالكفاءة والأمانة، بأن يكون دكتوراً ناصحاً مسلماً يتقي الله، فتعرض عليه الحالة، فإذا كان فيها ما يسبب هلاكاً على الأم، أو هلاكاً على الجنين، أو خطراً على الاثنين فهذا لا بأس فيه بإسقاط الجنين فنعمل في ساعتها بفتوى الطبيب المسلم.
قال تعالى: {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي} [الفرقان:68] فالآيات في السورة أتت أولاً بصفات الإيجاب التي هي: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان:63 - 65]، {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان:67].
ثم قال: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان:68] فبدأ بأول النهي وهو: {لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان:68] فأهل العلم يقولون بدأت الآيات أولاً بصفات التحلي، ثم ختمت بصفات التخلي، ما معنى صفات التحلي، وصفات التخلي؟ أي: التحلي بمكارم الأخلاق، والتخلي عن سيئ الأخلاق، والتحلي يكون بالصفات الطيبة: الأول: (يمشون على الأرض هوناً) (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً) و (يبيتون لربهم سجداً وقياماً) تأتي بعدها صفات التخلي: (لا يدعون مع الله إلهاً آخر) (لا يقتلون النفس) (لا يزنون) إلى آخر الآيات الباقية.
فالقتل نوعان: قتل مادي، وقتل معنوي، فأنت عندما تدخل الكآبة والحزن على أخيك المسلم أو على زوجتك أو على عيالك والعياذ بالله فقد قتلتهم، ويحاسبك الله يوم القيامة على أنك قاتل؛ ولذلك الصراعات الموجودة على العمل وعلى المناصب يحصل فيها ذلك، هذا يريد أن يبقى مديراً، والثاني يريد أن يبقى عضو مجلس الإدارة، وهكذا فيطعن هذا في هذا، وهذا ينزل على هذا، فهذا قتل معنوي، والله عز وجل ينهانا أن نقتل أنفسنا، وقتل النفس هنا بإماتتها عن طاعة الله، وبإقبالها على معصية الله والعياذ بالله رب العالمين! قوله: {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان:68] ولذلك يجب على المسلم أن يدرس تاريخ الإسلام وأن يدرس الفقه الإسلامي من أجل أن يعرف الصحيح من الخطأ.
سبعة من أهل اليمن قتلوا شخصاً في زمن سيدنا عمر؛ فقتل سيدنا عمر السبعة، فقالوا له: لماذا يا أمير المؤمنين تقتل سبعة بواحد؟! قال: لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلت أهل صنعاء جميعاً، والقانون الوضعي يقول لك: هذا عبارة عن محرض وهذا مساعد إلخ، فيكون عقابه خمس سنين، وهذا سبع سنين، وهذا عشر، وهذا سجن تأبيد، وهذا ثلاثة عشر عاماً، مع أن الكل شاركوا في القتل والعياذ بالله رب العالمين؛ ولذلك أين يذهب الذين قتلوا علماء المسلمين من الله يوم القيامة؟! سبحان الله، فمن قتل أهل العلم، ومن يحملون رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قتل الضعفاء والمساكين الذين لا ناصر لهم إلا الله عز وجل، أين سيذهبون يوم القيامة؟ يقول لك: هذا مات منتحراً، وهذا مات فجأة كيف؟! أيعقل أن حافظ القرآن يموت منتحراً؟! هذا ليس ممكناً، أكبر نعمة ينعم الله بها على العبد أن يعرفه كتابه، الذي يحفظ كتاب الله ليس من الممكن أن يتهموه بالانتحار، ولذلك ما عذب إنسان ظالم مسلماً أو عالماً أو ملتزماً فإنه يموت فيرى العذاب أكثر.
والله الذي لا إله إلا هو لقد كان هناك رجل مدير أحد السجون، وكان يجعل المسلمين الملتزمين والعلماء في الستينات يمشون أمامه منحنين لأظهرهم وواضعين أيديهم وراءهم، مكبلة في الأغلال، وربنا رزقه بولد والله أراه في الشارع فأرى آية الله عز وجل، وقد بلغ عمر الولد هذا ثلاثين سنة اليوم، هذا الولد عنده مرض عصبي لا يتزن إلا إذا انحنى ووضع يديه خلفه، والجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان، مثل ما تعمل بالناس يعمل بك في أي شيء، في النظرة إلى الحرام أو إلى محارم الناس يأتي ربنا بمن ينظر إلى محارمك أنت، الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول: عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم من يزن في قوم بألفي درهم في أهله يزنى بربع الدرهم من يزن يزن به ولو بجداره إن كنت يا هذا لبيباً فافهم إن الزنا دين فإن أقرضته كان القضا من أهل بيتك فاعلم