السبب الثالث: أن تسر بالمدح: (احثوا في وجوه المداحين التراب)، (ومدح رجل رجلاً أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قصمت ظهر أخيك) أي: كسرته؛ لأن العبد منا يريد المدح والثناء، وبعض المسئولين في الدول المتخلفة عندما يلتقي بعضهم مع بعض كل واحد يقول للآخر: أنت ليس أحد مثلك! وبدونك سنضيع! فيقول في نفسه: أنا عمر بن الخطاب أنا علي بن أبي طالب أنا ليس أحد أفضل مني، ويبدأ يمدح نفسه.
فيقول صلى الله عليه وسلم: (احثوا في وجوه المداحين التراب)، ولذلك إذا أردت أن تمدح أخاك المسلم فقل: أحسبه كذلك، ولا أزكيه على الله، كان سيدنا أبو بكر يمدحه سيدنا عمر نفسه ويقول: يا ليت لي يوم وليلة من أيام وليالي أبي بكر! قالوا: ما هي الليلة وما هو اليوم؟ قال: أما اليوم فيوم الردة، حيث وقف وحده وقال: والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه، والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة.
والليلة الثانية: يوم أن بات مع الرسول في الغار أيام الهجرة.
ولذلك عندما كان يصله المدح رضي الله عنه يقول: اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيراً مما يظنون.
وهذا تواضع منه، فهذه عظمة الصديق تلميذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك عندما نأتي لنذكر مثل هذه القصص وإن كانت معادة لكنها تشرح الصدور، نحن أتينا من بيوتنا ومن شغلنا فمنا من صدره ضيق، ومنا من أغضبته امرأته، ومنا من رفع عليه قضية، نسأل الله أن يجعل شرح صدورنا في بيته، وأن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
قال عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين: يا معشر صحابة رسول الله! ليتمن كل واحد منكم أمنية، قال أولهم: أما أنا فأتمنى جبلاً مثل جبل أحد من الذهب والفضة كي أنفقه في سبيل الله تعالى! وقال الثاني: أتمنى وادياً كوادي عوف مليئاً بالخيل أغزو بها في سبيل الله تعالى.
وأنت يا أمير المؤمنين ما هي أمنيتك؟ قال: أمنية عزيزة! حيث قال: أتمنى مسجداً مثل هذا المسجد مليئاً برجال من أمثال أبي بكر الصديق.
يتمنى أماني عظيمة، يتمنى مسجداً مليئاً رجال أمثال صديق الأمة هذا! فالمسلم يستطيع أن يقترب من الله عز وجل بأن يمنع الموانع التي تحجبه عن الله، فتحجب القلوب عن هذه الثلاثة: الفرح بالموجود، والحزن على المفقود، والسرور بالمدح.