أيها الإخوة! إن من ضمن قطاعات سكان الجنة قطاع عباد الرحمن، فعباد الرحمن في درجة عالية، ولهم ثلاث عشرة صفة، سأشرحها إن شاء الله، وكل واحد منا يبحث عنها هل هي موجودة فيه كلها أم بعضها؟ وقد يوجد فينا من تتوفر فيه هذه الثلاث عشرة نسأل الله أن يبارك فينا ويهدينا جميعاً سواء السبيل، لا حجر لفضل الله، فسيدنا علي كان يقول: يا رب قطرة من فيض جودك تملأ الأرض رياً، ونظرة من عين رضاك تقلب الكافر ولياً.
لأن الله عز وجل عندما يرضى فليس لرضاه نهاية، يقول الله عز وجل: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح:18].
فاطمة بنت أسد زوجة أبي طالب لما ماتت وغسلوها وكفنوها قال صلى الله عليه وسلم: انتظروا، فنزل في قبرها وفرش عباءته، ثم اضطجع قليلاً في القبر، وخرج وترك العباءة، ثم قال: أدخلوها، قالوا: لماذا فعلت هذا يا رسول الله؟ إن فاطمة بنت أسد هي أم سيدنا علي أسلمت، وأبو طالب زوجها لم يسلم، لحكمة يعلمها الله، فالصحابة سألوا رسول الله عن هذا الفعل؟ فقال: (لقد كانت أبر بنا)، انظر إلى عدم نسيان الجميل! ليس كل الناس ينكرون الجميل، يعني: لا تحتقر جميلاً أو معروفاً صنعه فيك أخوك، لأن سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول: (يا نساء الأنصار لا تحقرن جارة جارتها ولو فرسن شاة).
وفرسن الشاة: هو حافر الماعز فلو أن امرأة أحضرت لصاحبتها حافر ماعز تقول لها: بارك الله فيك؛ لأنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس، اشكروا من أجرى الله النعمة على يديه، وإن عز أخوك فهن؛ يعني: أخوك يعاملك بشكل جيد مدة سنتين، ثلاثة عشر عاماً، عشرين عاماً، وأخطأ خطأ، فلا داعي إلى أن تأخذ منه موقفاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة! الدين النصيحة! قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم).
يا فاطمة بنت أسد! هنيئاً لك؛ فإن الرسول ذاكر لك الجميل، قال: (فرشت عباءتي حتى يخفف الله عنها من ضمة القبر، ونمت في مكانها قبل أن تلحد -يعني: قبل أن تدفن-، حتى يثبتها الله عند سؤال الملكين) فالنبي صلى الله عليه وسلم شفع لها هنا، لكن قبل أن يشفع لها كانت من أهل الخير والصلاح، فعملها هو الذي شفع لها؛ ولذلك لم يكن الرسول يتدخل إلا إذا أذن الله له.
اللهم شفع فينا نبينا يا رب! اللهم شفعه فينا، اللهم شفعه فينا، آمين يا رب العالمين!