صفة درجات الجنة

وعدد الجنات ثمان، وأبواب الجنة أيضاً ثمانية، الدرجات التي في الجنة جاءت فيها روايتان، رواية الإمام مسلم: (أنها مائة درجة، ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض) فكلما تطلع درجة تعلو جنة؛ لأن الجنات بعضها فوق بعض، وكلما تطلع تجد الباب وقد اتسع، والملك وقد عظم.

والمؤمن من فضل الله أن له عند الله جنتين، كما قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46]، وقد قلنا: إن الإنسان عندما يولد يكتب الله عز وجل له مكاناً في الجنة ومكاناً في النار، فإن أطاع الله أخذ مكانه في الجنة، ويأخذ أيضاً جنة الكافر ويرثه في جنته، قال تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} [المؤمنون:10] والوارث هو الذي يأخذ شيئاً كان لغيره.

والرواية الثانية: عدد درجات الجنة كعدد آيات كتاب الله، فعدد آيات القرآن ستة ألف ومائتان وستة وثلاثون آية، وعدد حروفه ثلاث مائة وأربعون ألفاً ومائتان وخمسة وستون حرفاً، ونصفه الأول ينتهي عند الفاء من (فليتلطف)، التي في سورة الكهف.

يجاء بقارئ القرآن يوم القيامة العامل به ويقال له: اقرأ وارتق، فيقرأ حتى يأتي على آخر ما يحفظ من كتاب الله، فإذا كان قد حفظ الكتاب كله وعمل به قدر استطاعته قرأ إلى آخر سورة الناس، {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس:6].

فيجد نفسه قرب خير الناس في الفردوس الأعلى، وهذا كرم من الله عظيم؛ لأن قارئ القرآن لا يفضل عليه إنسان أبداً.

ولما أدخلت جنازتان إلى المسجد للصلاة عليهما، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حافظاً أكثر من الآخر، وجعل حافظ القرآن كله من ناحية الإمام، والثاني من ناحية القبلة، وهذا التفضيل في الصلاة على الميت، فحتى وهو ميت نكرمه ما دام حافظاً للقرآن عاملاً به.

وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم بعثاً -يعني: جماعة- فقال: ليخبرني كل منكم ما يحفظ، فقال أحدهم: أنا أحفظ جزء عم، وقال الثاني: أنا أحفظ كذا، وقال الثالث: أنا أحفظ كذا، وقال الرابع: أنا أحفظ كذا، فقال صبي في الخامسة عشرة من عمره: أنا أحفظ البقرة وآل عمران، فقال: أنت أميرهم.

اللهم حفظنا القرآن جميعاً، وثبته في قلوبنا.

اللهم لا تجعله يتفلت من قلوبنا.

اللهم احفظ لنا الكتاب في قلوبنا يا رب العالمين! واجعلنا من العاملين به والتالين له آناء الليل وأطراف النهار.

آمين يا رب العالمين! وهاتان الروايتان في عدد درجات الجنة صحيحتان، ولا يعلم درجات الجنة وحقيقتها إلا من أعدها وصنعها لعباده.

اللهم لا تحرمنا من الدخول في هذه الدرجات يا رب العالمين!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015