أيضاً يوصي بأن يمنع ما جرت به العادة من الإتيان بمن يقرأ القرآن أيام الميتم، أو كل ليلة جمعة، أو في الأربعين أو فيما يسمونه بالذكرى السنوية.
والتعزية مشروعة إذا خلت من البدع والمحرمات، وينبغي إحضار أحد العلماء ليفقه الحاضرين في دين الله، وأما أن يؤتى بالمقرئين والمنشدين وغير ذلك من البدع فلا؛ لأن كل هذا شيء لم يرد لا في كتاب ولا في سنة، وإنما هذه بدع يجب أن تنتهي من البيوت، وكان الصحابة رضوان الله عليهم عندما يموت الميت يقفون عند القبر بعد دفنه، والناس الذين دفنوا يعزون أهل الميت يقولون: آجركم الله، البقاء لله، وليس هناك شيء اسمه: البقية في حياتك ولا غير ذلك من الكلام الباطل، وليس هناك أن صاحب الميت وأهله يقعدون في البيت ويلبسون السواد ويأتي الناس للتعزية، ليس هذا من الإسلام.
أيضاً يمنع أهل البيت من صنع طعام يجمعون عليه الناس، بل المفروض أن يصنع الطعام لأهل الميت؛ لأنه جاءهم ما يشغلهم، فقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فإنه قد جاءهم ما يشغلهم)، لكن النساء لما يحضرن للأسف الشديد في المآتم، هذه أخته وهذه ابنة عمه، وهذه ابنة خاله، وهذه ابنة أخيه، فتراهن يقعدن فيأتي الصبح ثم الظهر ثم العصر فيقوم أهل الميت بتقديم الأكل والقهوة والشاي وغير ذلك، وأهل الميت في حزنهم.
أقول: لو رجعت إلى البيت ووجدت نساء في البيت جئن للعزاء فاطردهن والعهدة علي؛ لأن في هذا إبطالاً لبدعة من البدع، إن لم تطردهن أنت فمن الذي سيطردهن! وسيدنا عمر رضي الله عنه لما دخل في مأتم وجد نسوة جالسات بينهن واحدة تعدد مآثر الميت، فقال لـ عبد الرحمن بن عوف: اضربها يا ابن عوف إنها تأمر بالجزع والله قد نهى عنه، وتنهى عن الصبر والله قد أمر به، وإنها تسكب دموعها بدنانيركم.
إذاً: لما تجد نساء في البيت اطردهن، سواءً كنّ من قرابتك أو من غير قرابتك، ليس هناك نساء يجلسن في البيت للعزاء؛ لأن اجتماعهن في المآتم شر.