دركات النار

إذا كانت الجنة درجات لأعلى؛ فإن النار دركات لأسفل، فالجنة تجد فيها كل نعيم أحسن من النعيم الذي تحته، وعندما تدخل أسرة مؤمنة إلى الجنة بفضل الله فإنه قد يكون الأب والأم أكثر صلاحاً وأكثر حسنات من الأبناء أو العكس، أو الزوج أعظم صلاحاً من الزوجة، أو الزوجة أكثر إيماناً من الزوج، فكل واحد يدخل الجنة برحمة الله ثم يقتسمونها بعد ذلك بالعمل، فنفرض جدلاً أن الأب صالح بدرجة عالية وزوجته أقل منه قليلاً والأولاد أقل، فيكون لهؤلاء ثلاث درجات، فيتمنى الأب وتتمنى الأم ويتمنى الأبناء أن يجمعهم الله في مكان واحد، فيلحق الله الأدنين بالأعلين.

والنار دركات بعضها أسفل من بعض، ولا خلاف بين العلماء فيها، لكن الخلاف فيمن يسكن هذه الدركات.

وقد اتفقنا من قبل أن أخف أهل النار عذاباً هو أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قبل الله فيه شفاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فوضعه في ضحضاح في جهنم -وهذه صورة من صور العذاب في جهنم- فأخف أهل النار عذاباً أن يلبس أبو طالب نعلين أو خفين من نار يغلي منهما دماغه، يظن أنه أشد أهل النار عذاباً.

من هذا المنطق نقيس أن أخف الناس عذاباً في النار يمكث فيها ما شاء الله سبحانه، واليوم بألف سنة عند الله، ومن أهل النار من ينقص يوماً ومن ينقص يومين ومن ينقص أسبوعاً ومن ينقص شهراً ومن ينقص عاماً، ومن ينقص فيها كعمر الدنيا منذ أن خلقت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

فهذه مسألة مرعبة تجعل الإنسان يعيد حساباته أولاً بأول، وإني أوصي نفسي وأوصيك أن تكون بعد سماعك حلقات دار الآخرة أفضل من ذي قبل، فمن الواجب أن تكون لك الفائدة في دروس الدار الآخرة، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015