النص الثالث: (تحاجت الجنة والنار) يعني: حدث بينهما جدال، وكل واحدة تأتي بحجة.
(قالت النار: أوثرت بالمتكبرين والجبارين، وقالت الجنة: لا يدخلني إلا الضعفاء والمساكين، فقال الله عز وجل: يا ناري! أنت عذابي أعذب بك من أشاء، وأنت يا جنتي! رحمتي ونعيمي أرحم وأنعم بك من أشاء).
فالنار تقول: سيدخلني الجبارون، قال تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق:24].
والمتكبرون هم أصحاب الكبر من سلالة فرعون، فلا يزكي أحد نفسه، فربنا يعلم المحسن من المسيء، فأنت لا تقل عن نفسك أي شيء، نسأل الله أن يرفع الكبر عن قلوبنا.
والجبار: الذي يعطيه ماله أو جاهه سطوة يتجبر بها على الخلق، والكبر صفة من صفات الله عز وجل، بل لا يتصف بها أحد من خلقه إلا ويجندل في نار جهنم، والعياذ بالله رب العالمين.
وقالت الجنة: (أنا لا يدخلني إلا الضعفاء والمساكين) وليس معنى هذا: أن الإسلام مع الضعف والمسكنة، فأنت من الممكن أن تكون غنياً وذا جاه، ولكنك ضعيف في نفسك، وضعيف ذليل مع المسلم، وليس معنى الضعف هنا: الخضوع والتذلل، لكن الضعف هنا هو التواضع واللين والرضا بالقليل، والمسكين في نفسه، وليس المسكنة المتصنعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين).
فالمسكنة نوعان: مسكنة القلب لله، وهذا هو المقصود، ومسكنة المسكين الطبيعي الذي لا يجد ما يأكل.
ولكن إياك أن تكون مسكيناً ومتكبراً على الناس.