(ورأيت رجلاً من أمتي وقد ارتعدت فرائصه) أي: حصلت له رعشة، قال صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث: (كالسعفة في مهب الريح) والسعفة: من جريد النخل (فجاءه حسن ظنه بالله فسكن ما به من رعدة).
يقول صلى الله عليه وسلم: (إن قوماً غرتهم الأماني يقولون: نحسن بالله الظن) فيقولون: ربك رحيم غفور، فهل أنت مصدق كلام الشيخ عمر في الجامع! يا رجل ربك سبحانه وتعالى سيكرم وسيغفر، فغرته الأماني، فتراه لا يصلي، وترى المرأة غير محجبة ولا مخمرة، وتجدها محتكة بالرجال ليل ونهار، وتغتاب فلاناً وفلاناً وحاقدة وناقمة، والرجل مجرم ومرتش ومختلس وعنده أمل في رحمة الله عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل).
ودائماً نحن نكون في الأحوط والأحرص، وعندما تقرأ قول الله سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان:6] يقول ابن مسعود: والله إن لهو الحديث الغناء.
فـ ابن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليه أخذ القرآن من فم الحبيب صلى الله عليه وسلم حتى إنه كان يقول: ليس هناك سورة نزلت إلا وأنا أعرف أأنزلت ليلاً أو نهاراً، في مكة أو في المدينة، في سهل أو في جبل، في غزوة أو في سلم، في كذا أو في كذا.
فانظر إلى هذا العلم كله، فيقسم ابن مسعود بالله أن لهو الحديث هو الغناء.
إذاً: هل أصدقك أم أصدق ابن مسعود؟ لا والله، بل إنني سأصدق ابن مسعود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اهتدوا بهدي ابن أم عبد) ولما ضحك الصحابة من دقة ساقه قال صلى الله عليه وسلم: (والذي بعثني بالحق نبياً إن ساق ابن مسعود أثقل عند الله من جبل أحد).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من أراد أن يسمع القرآن غضاً كما أنزله جبريل فليسمع من عبد الله بن مسعود).
فهل بعد هذا الكلام كله أركل كلام ابن مسعود وآخذ بكلامك أنت؟!
صلى الله عليه وسلم لا، بل نأخذ كلام ابن مسعود وأستريح لما قاله ابن مسعود فهو الصحابي الوحيد المأذون له بالدخول على رسول الله في كل وقت، فإن أبا بكر ومكانته في الإسلام إذا طرق الباب يدخل الخادم فيقول للرسول صلى الله عليه وسلم: هذا أبو بكر في الباب، فيقول له: يقابلني في المسجد، أو يأتي بعد العصر، أو يأتي بعد المغرب وهكذا، إلا ابن مسعود فإنه أول ما يدق الباب يدخل الخادم فيبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، ويدخل ابن مسعود مباشرة، فهو الصحابي الوحيد المأذون له في الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم.