قلبك، والتذاذكِ بسماعه أعظمَ من التذاذ أصحاب (?) الملاهي والغناء المطرب (?) بسماعهم، فإنه من المعلوم أنّ من أحبّ محبوبًا كان كلامه وحديثه أحبَّ شيءٍ إليه، كما قيل:
إنْ كنتَ تزعُم حُبّي ... فلِمْ هجرتَ كتابي
أمَا تأمّلتَ ما فيـ ... ـهِ مِن لذيذِ خطابي (?)
وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو طهرتْ قلوبنا لما شبعَتْ (?) من كلام الله (?).
وكيف يشبع المحِبُّ من كلام محبوبه، وهو غاية مطلوبه! وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا لعبد الله بن مسعود: "اقرأ عليّ"، فقال: أقرأ عليك، وعليك أنزِل؟ فقال: "إنّي أحبّ أن أسمعه من غيري".
فاستفتح، وقرأ سورة النساء، حتّى إذا بلغ قوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41] قال: "حسبك". فرفع رأسه، فإذا عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرِفان من البكاء" (?).