يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)} [المائدة: 54 - 56].
والولاية أصلها الحبّ، فلا موالاة إلا بحبّ. كما أنّ العداوة أصلها البغض. واللهُ وليّ الذين آمنوا، وهم أولياؤه، فهم يوالونه بمحبتهم له، وهو يواليهم بمحبته لهم. فالله (?) يوالي عبدَه بحسب محبته له.
ولهذا أنكر سبحانه على من اتخذ من دونه أولياءَ، بخلاف من وإلى أولياءه، فإنّه لم يتخذهم من دونه، بل موالاته (?) لهم من تمام موالاته.
وقد أنكر على من سوّى بينه وبيّن غيره في المحبة، وأخبر أن من فعل ذلك فقد اتخذ من دونه أندادًا يحبّهم (?) كحبّ الله، والذين آمنوا أشدّ حبًّا لله. وأخبر عمّن سوّى بينه وبيّن الأنداد في الحبّ أنّهم يقولون في النار لمعبوديهم: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98)} [الشعراء: 97، 98].
وبهذا التوحيد في الحبّ أرسل الله سبحانه جميع رسله، وأنزل جميع كتبه، وأطبقت عليه دعوةُ الرسل من أولهم إلى آخرهم، ولأجله خلق السماوات والأرض والجنة والنار، فجعل الجنّة لأهله، والنار
للمشركين به فيه (?).