وصاحبه، وظلمهما متعدٍّ إلى الغير كما تقدّم. وأعظم من ذلك ظلمهما بالشرك. فقد تضمّن العشق أنواع الظلم كلَّها.
والمعشوق إذا لم يتّق الله، فإنه يعرّض العاشق للتلف -وذلك ظلم منه- بأن يُطمعه في نفسه، ويتزيّن له، ويستميله بكلّ طريق، حتى يستخرج منه ماله ونفعه، ولا يمكنه من نفسه لئلا يزول غرضه بقضاء
وطره منه، فهو (?) يسومه سوء العذاب. والعاشق ربما قتل معشوقَه ليشفي نفسه منه، ولا سيّما إذا جاد بالوصال لغيره.
فكم للعشق من قتيل من الجانبين! وكم قد أزال [111/ ب] من نعمةٍ، وأفقر من غنًى، وأسقط من مرتبة، وشتّت من شمل! وكم أفسد من أهل للرجل وولد! فإنّ المرأة إذا رأت بعلها عاشقًا لغيرها اتخذت هي معشوقًا لنفسها، فيصير الرجل متردّدًا بين خراب بيته بالطلاق وبيّن القيادة. فمن
الناس من يؤثر هذا، ومنهم من يؤثر هذا (?).
فعلى العاقل (?) أن لا يُحكِم على نفسه عشقَ الصور، لئلا يؤديه ذلك إلى هذه المفاسد أو أكثرها أو بعضها. فمن فعل ذلك فهو المفرِّط بنفسه المغرِّر بها، فإذا هلكتْ فهو الذي أهلكها. فلولا (?) تكرارُه النظرَ إلى وجه معشوقه وطمعُه في وصاله لم يتمكّن عشقه من قلبه.
فإنّ أول أسباب العشق الاستحسان، سواء تولّد عن نظر أو سماع.