وهذه الآية تحتاج إلى تفسير (?). فإنّها سيقت للاحتجاج عليهم في إنكارهم البعث والحساب، ولا بدّ أن يكون الدليل مستلزمًا لمدلوله، بحيث ينتقل الذهن منه إلى المدلول، لما بينهما من التلازم، فكلّ ملزومٍ دليل على لازمه، ولا يجب العكس.
ووجه الاستدلال أنهم إذا أنكروا البعث والجزاء فقد كفروا بربّهم، وأنكروا (?) قدرته وربوبيته وحكمته. فإمّا أن يُقرّوا بأنّ لهم ربًّا قاهرًا لهم، متصرّفًا فيهم كما يشاء، يميتهم إذا شاء، ويحييهم إذا شاء، ويأمرهم وينهاهم، ويثيب محسنهم ويعاقب مسيئهم؛ وامّا أن لا يُقرّوا بربٍّ هذا شأنُه. فإنْ أقرّوا به آمنوا بالبعث والنشور والدين الأموي والجزائي. وإن أنكروه وكفروا به فقد زعموا أنّهم غير مربوبين ولا محكومٍ عليهم، ولا لهم ربٌّ يتصرّف فيهم كما أراد، فهلاّ يقدرون على دفع الموت عنهم إذا جاءهم، وعلى ردّ الروح إلى مستقرّها إذا بلغت الحلقوم؟
وهذا خطاب للحاضرين (?) عند المحتضَر، وهم يعاينون موته.
أي: فهلاّ تردّون روحه إلى مكانها إن كان لكم قدرة وتصرّف، ولستم مربوبين ولا مقهورين لقاهر قادر يُمضي عليكم أحكامه، وينفّذ فيكم أوامره؟
وهذا غاية التعجيز لهم إذ تبيّن عجزُهم عن ردّ نفس واحدة من مكان