فصل
إذا عرفت هذه المقدمة، فلا يمكن أن يجتمع في القلب (?) حبّ المحبوب الأعلى وعشق الصور أبدًا، بل هما ضدّان لا يتلاقيان، بل لابدّ أن يُخرج أحدهما صاحبه. فمن كانت قوة حبه كلّها للمحبوب
الأعلى الذي محبة ما سواه باطلة وعذاب على صاحبها، صَرَفه ذلك عن محبة ما سواه. وإن أحبّه (?) لم يحبَّه إلا لأجله ولكونه وسيلةً له إلى محبته، أو قاطعًا له عمّا يضادّ محبته وينقضها (?).
والمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب، وأن لا يشرك (?) بينه وبيّن غيره في محبته. وإذا كان المحبوب من الخلق يأنف ويغار أن يُشرِكَ محِبُّه غيرَه (?) في محبته، ويمقته لذلك (?)، ويُبعده، ولا يُحظيه بقربه،
ويعدّه كاذبًا في دعوى محبته، مع أنّه ليس أهلًا لصرف قوة المحبة إليه، فكيف بالحبيب الأعلى الذي لا تنبغي المحبة إلا له وحده، وكلّ محبة لغيره فهي عذاب على صاحبها ووبال؟ ولهذا لا يغفر الله سبحانه أن يشرَك به في هذه المحبة، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
فمحبة الصور تفوّت محبةَ (?) ما هو أنفع للعبد منها، بل (?) تفوّت