قالوا: ولأنّا رأينا قواعد الشريعة (?) أنّ المعصية إذا كان الوازع عنها طبعيًّا اكتفي بذلك الوازع من الحدّ، وإذا كان في الطباع تقاضيها جعل فيها [85/ أ] الحدّ بحسب (?) اقتضاء الطباع لها. ولهذا جعل الحدّ في الزنى والسرقة وشرب المسكر دون أكل الميتة والدم ولحم الخنزير.
قالوا: وطردُ هذا أنّه لا حدّ في وطء البهيمة ولا الميتة. وقد جبل الله سبحانه الطباعَ على النفرة من وطء الرجلِ مثلَه أشدَّ نفرة، كما جبلها على النفرة من استدعاء الرجل من يطؤه، بخلاف الزنى فإنّ الداعي فيه من الجانبين.
قالوا: ولأنّ أحد النوعين إذا استمتع بشكله لم يجب عليه الحدّ، كما لو تساحقت المرأتان واستمتعت كلّ واحدة منهما بالأخرى.
قال أصحاب القول الأول- وهم جمهور الأمة، وحكاه غير واحد إجماعًا للصحابة-: ليس في المعاصي مفسدة أعظم (?) من هذه المفسدة، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل،
كما سنبيّنه إن شاء الله.
قالوا: ولم يبتلِ الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحدًا من العالمين، وعاقبهم عقوبةً لم يعاقب بها أمةً غيرهم، وجمع عليهم من