الاشتغال به عن المهم.
وكذلك (?) يعرض له أمران لا يمكن الجمع بينهما، ولا يحصل (?) أحدهما إلا بتفويت الآخر، فهذا موضع استعمال العقل (?) والفقه والمعرفة. ومن ها هنا ارتفع من ارتفِع، وأنجح من أنجح، وخاب من
خاب. فأكثرُ من ترى ممن يعظِّم عقله ومعرفتَه يُؤثِرِ غيرَ المهمِّ الذي لا يفوت على المهمِّ الذي يفوت. ولا تجد أحدًا يسلَم من ذلك، ولكن مستقِلّ ومستكثِر.
والتحكيم في هذا الباب للقاعدة الكبرى التي عليها مدار الشرع والقدر، وإليها مرجع (?) الخلق والأمر، وهي إيثارُ أكبر المصلحتين وأعلاهما، وإن فأتت المصلحة التي هي دونها، والدخولُ في أدنى
المفسدتين لدفع ما هو أكبر منها، فيفوّت مصلحة لتحصيل (?) ما هو أكبر منها، ويرتكب مفسدةً لدفع ما هو أعظم منها. فخطرات العاقل وفكَره لا تتجاوز (?) ذلك. وبذلك جاءت الشرائع، ومصالح الدنيا والآخرة لا تقوم (?) إلا على ذلك.
وأعلى الفِكَر وأجلّها وأنفعها ما كان لله والدار الآخرة. فما كان لله