{كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)} [النور: 39].
وأخسُّ الناس همّة وأوضعهم نفسًا من رضي من الحقائق بالأماني الكاذبة، واستجلبها (?) لنفسه، وتحلّى بها، وهي -لعمر الله- رؤوس أموال المفلسين، ومتاجر البطّالين. وهي قوت النفس (?) الفارغة التي قد قنعت من الوصل بزَورة الخيال، ومن الحقائق بكواذب الآمال، كما قال الشاعر:
مُنىً إنْ تكن حقًّا تكن أحسن المُنَى ... وإلا فقد عِشْنا بها زمنًا رَغْدَا (?)
وهي أضرُّ شيء على الإنسان، وتتولّد من العجز والكسل، وتولّد التفريط والحسرة والندم. والمتمنّي (?) لمّا فاته مباشرةُ الحقيقة بحسّه نحَتَ (?) صورتَها في قلبه، وعانقها، وضمّها إليه، فقنع بوصال صورةٍ وهميةٍ خياليّة (?) صوّرها فكرُه، وذلك لا يُجدي عليه شيئًا، وإنما مثله مثل الجائع والظمآن يصوّر في وهمه صورةَ الطعام والشراب، وهو يأكل ويشرب.