السيّئ من أعمالنا، فيكون من باب إضافة النوع إلى جنسه ويكون بمعنى "من"؟ وقيل: معناه: من عقوباتها التي تسوء، فيكون التقدير: ومن عقوبات أعمالنا التي تسوؤنا (?).
ويرجِّح هذا القول أنّ الاستعاذة تكون قد تضمّنت جميع الشرّ، فإنّ شرور الأنفس تستلزم الأعمال السيئة، وهي تستلزم العقوبات السيئة فنبّه بشرور الأنفس على ما تقتضيه من قبح الأعمال، واكتفى بذكرها منه إذ هي أصله. ثم ذكر غاية الشرّ ومنتهاه، وهو السيئات التي تسوء العبد من عمله من العقوبات والآلام. فتضمنت هذه الاستعاذة أصلَ الشرِّ، وفروعَه، وغايتَه، ومقتضاه (?).
ومن دعاء الملائكة للمؤمنين قولهم: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ} [غافر: 9]. فهذا يتضمن طلبَ وقايتهم (?) من سيئات الأعمال وعقوباتها التي تسوء صاحبها، فإنّه سبحانه متى وقاهم العملَ السيّئَ وقاهم جزاءه السيّئ، وإن كان قوله (?): {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ} أظهرَ في عقوبات الأعمال المطلوبِ وقايتُها يومئذ.
فإن قيل: فقد سألوه سبحانه أن يقيَهم عذاب الجحيم، وهذا هو وقاية [57/ أ] العقوبات السيئة، فدلّ على أنّ المراد بالسيئات التي سألوا وقايتها: الأعمال السيئة، ويكون الذي سأله الملائكة نظيرَ ما استعاذ منه