مصالحها، وداءَها ودواءَها، وأسبابَ سعادتها وفلاحها وصلاحها وحياتها الأبدية في النعيم المقيم؟
ومن تأمّل هذا الموضع تبيّن له أنّ أكثر هذا الخلق قد نسُوا أنفسَهم حقيقةً، وضيّعوها، وأضاعوا حظّها من الله، وباعوها رخيصةً بثمن بخس بيعَ الغبن. وإنما يظهر لهم هذا (?) عند الموت، ويظهر كلّ الظهور يومَ التغابن، يومَ يظهر للعبد أنه غُبنَ في العقد الذي عقده لنفسه في هذه الدار، والتجارة التي اتجر فيها (?) لمعاده، فإنّ كل أحد يتجر (?) في هذه الدنيا [51/ ب] لآخرته (?).
فالخاسرون الذين يعتقدون أنهم أهل الربح والكسب اشتروا الحياة الدنيا وحظَّهم فيها ولذّاتِهم بالآخرة وحظِّهم فيها، فأذهبوا طيّباتِهم في حياتهم الدنيا، واستمتعوا بها، ورضوا بها، واطمأنّوا إليها. وكان سعيُهم لتحصيلها، فباعوا، واشتروا، واتجروا. وباعوا آجلًا بعاجل، ونسيئةً بنقد، وغائبًا بناجزٍ؛ وقالوا: هذا هو الحزم. ويقول أحدهم: خذْ ما تراه ودع شيئًا سمعتَ به (?) وكيف أبيع حاضرًا نقدًا مُشاهَدًا في هذه الدار بغائب نسيئة في دار