رضيعَي لِبانٍ ثديَ أم تقاسما ... بأسحمَ داجٍ عوضُ لا نتفرَّقُ (?)
ثم أخبر سبحانه أن الشيطان [46/ أ] يصدّ قرينه ووليّه عن سبيله الموصل إليه وإلى جنّته، ويحسب هذا الضالُّ المصدودُ أنّه على طريق هدىً، حتى إذا جاء القرينان يوم القيامة يقول أحدهما للآخر: يا ليت بيني وبينك بعدَ المشرقين، فبئس القرين كنتَ لي في الدنيا! أضللتَني عن الهدى بعد إذ جاءني، وصددتَني عن الحقّ، وأغويتَني حتّى هلكتُ، وبئس القرين أنت لي (?) اليوم! ولمّا كان المصابُ إذا شاركه غيرُه في مصيبته حصل بالتأسّي نوعُ تخفيفٍ وتسليةٍ = أخبر سبحانه أنّ هذا غير موجود وغير حاصل في حقّ المشتركين في العذاب، وأنّ القرين لا يجد راحةً ولا أدنى فرح (?) بعذاب قرينه معه، وإن كانت المصائب في الدنيا إذا عمَّتْ صارت مَسْلاةً كما قالت الخنساء في أخيها صخر:
فلولا كثرةُ الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلتُ نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزّي النفسَ عنه بالتأسّي (?)
فمنع الله سبحانه هذا القدرَ من الراحة عن أهل النار فقال: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)} [الزخرف: 39].