بعضًا به، ويرشده إليه، ويحضّه عليه.
وإذا كان من عدا هؤلاء خاسرًا، فمعلوم أنّ المعاصي والذنوب تُعمي بصيرةَ القلب فلا يدرك الحقّ كما ينبغي، وتُضعِفُ قوتَه وعزيمتَه فلا يصبر عليه. بل قد تتوارد (?) على القلب حتى ينعكس إدراكه، كما ينعكس سيرُه، فيدرك الباطلَ حقَّا، والحقَّ باطلًا، والمعروفَ منكرًا، والمنكرَ معروفًا. فينتكس في سيره، ويرجع عن سفره إلى الله والدار الآخرة، إلى سفره إلى (?) مستقرّ النفوس المُبْطِلَة التي رضيَتْ بالحياة الدنيا، واطمأنَّتْ بها، وغفلت عن الله وآياته، وتركت الاستعداد للقائه.
[45/ ب] ولو لم يكن في عقوبة الذنوب إلا هذه العقوبة وحدها لكانت كافيةً داعيةً إلى تركها والبعد منها، والله المستعان.
وهذا كما أنّ الطاعة تُنوِّر القلب، وتجلوه (?) وتصقُله، وتقوّيه وتثبته، حتّى يصير كالمراَة المجلوّة في جلائها (?) وصفائها ويمتلئ (?) نورًا؛ فإذا دنا الشيطان منه أصابه من نوره ما يصيب مُسْتَرِقي السَّمْع (?) من الشهب الثواقب. فالشيطان يفرَق من هذا القلب أشدَّ من فرَقِ الذَئب من الأسد، حتى إنّ صاحبه لَيصرَعُ الشيطان، فيخِرّ صريعًا، فيجتمع عليه الشياطين، فيقول بعضهم لبعض: ما شأنه؟ فيقال: أصابه إنسيّ، وبه