ويا عجبًا لو صحّت العقول لعلمتْ أنّ طريق (?) تحصيل اللذة والفرحة والسرور وطيب العيش إنما هو في رضي مَن النّعيمُ كلُّه في رضاه، والألمُ والعذابُ كلُّه في سخطه وغضبه. ففي رضاه قرّة العيون،
وسرور النفوس وحياة القلوب، ولذة الأرواح، وطيب الحياة، ولذة العيش، وأطيب النعيم، مما لو وُزِن منه مثقالُ ذرّة بنعيم الدنيا لم يف به، بل إذا حصل للقلب من ذلك أيسر نصيب لم يرضَ بالدنيا وما فيها عوضا منه. ومع هذا (?) فهو يتنعم بنصيبه من الدنيا أعظمَ من تنعّم المترَفين فيها، ولا يشوب تنعّمَه بذلك الحظّ اليسير ما يشوب تنعّمَ المترفين من الهموم والغموم والأحزان والمعارضات، بل قد حصل على النعيمين، وهو ينتظر نعيمين آخرين أعظم منهما. وما يحصل له في خلال ذلك (?) من الآلام، فالأمر كما قال الله سبحانه: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)} [النساء: 104].
فلا إله إلا الله، ما أنقَصَ عقلَ من باع الدرَّ بالبعر، والمسكَ بالرجيع، ومرافقةَ الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين بمرافقة الذين غضب الله عليهم، ولَعَنهم، وأعدّ لهم جهنَّم
وساءت مصيرًا!
فصل
ومن أعظم عقوباتها: [39/ ب] أنها توجب القطيعة بين العبد وبيّن ربه تبارك وتعالى، وإذا وقعت القطيعة انقطعت عنه أسباب الخير،