فصل
ومن عقوباتها: أنّها تصغّر النفس، وتقمَعها، وتدسّيها (?)، وتحقّرها، حتى تصير [37/ ب] أصغر شيء وأحقره (?)، كما أنّ الطاعة تنمّيها وتزكّيها وتكبّرها.
قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [الشمس: 9 - 10].
والمعنى قد أفلح من كبّرها وأعلاها بطاعة الله وأظهرها. وقده خسر من أخفاها وحقّرها وصغرها بمعصية الله.
وأصل التدسية الإخفاء. ومنه قوله تعالى: {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل: 59]. فالعاصي (?) يدسّ نفسه في المعصية، ويخفي مكانها، ويتوارى (?) من الخلق من سوء ما يأتي به، قد انقمع عند نفسه، وانقمع عند الله، وانقمع عند الخلق.
فالطاعة والبرّ تكبّر النفس، وتعزّها، وتعليها، حتى تفسير أشرف شيء، وأكبره، وأزكاه، وأعلاه؛ ومع ذلك فهي أذلّ شيء وأحقره وأصغره لله تعالى. وبهذا الذلّ حصل لها هذا العزّ والشرف (?) والنموّ،
فما صغّر النفوسَ مثلُ معصية الله، وما كبّرها وشرّفها ورفعها مثلُ طاعة الله.