العيشِ عيشُ المستوحشين الخائفين، وأطيبُ العيش عيشُ المستأنسين.
فلو نظر (?) العاقل، ووازن بين لذة المعصية وما تُوقِعُه (?) من الخوف والوحشة، لَعلِمَ سوءَ حاله وعظيم غَبْنه، إذ باع أنس الطاعة وأمنها وحلاوتها بوحشة المعصية وما توجبه من الخوف.
فإن كنتَ قد أوحشتك الذنوبُ ... فدَعْها إذا شئتَ واستأْنسِ (?) وسرّ المسألة أنّ الطاعة تُوجب القربَ من الربّ، وكلّما (?) اشتدّ القرب قوي الإنس؛ والمعصية توجب البعدَ من الربّ، وكلّما ازداد البعد قويت الوحشة. ولهذا يجد العبد وحشةً بينه وبيّن عدوّه للبعد الذي بينهما، وإن كان ملابسًا له قريبًا منه، ويجد أنسًا وقربًا (?) بينه وبيّن من يحبّ، وإن كان بعيدًا عنه.
والوحشة سببها الحجاب، وكلّما غلظ الحجاب زادت الوحشة (?).
فالغفلة توجب الوحشة، وأشدُّ منها وحشةُ المعصية، وأشدُّ منها وحشةُ الشرك والكفر. ولا تجد أحدًا يلابس شيئًا من ذلك إلا ويعلوه من الوحشة بحسب ما لابَسَه منه، فتعلو الوحشةُ وجهَه وقلبَه،
فيستوحِشُ (?)، ويُستوحَشُ منه.