تقواه، وأخبر أنه عاقب من ترك التقوى بأن أنساه نفسه، أي أنساه مصالحَها، وما ينجيها من عذابه، وما يوجب له الحياة الأبدية وكمال لذتها (?) وسرورها ونعيمها، فأنساه ذلك كلَّه جزاءً لما نسيه من عظمته وخوفه والقيام بأمره. فترى العاصي مهمِلًا لمصالح نفسه، مضيِّعًا لها، قد أغفل الله قلبه عن ذكره، واتّبع هواه، وكان أمره فرطًا. قد انفرطت عليه مصالح دنياه وآخرته، وقد فرّط في سعادته الأبدية، واستبدل بها أدنى ما يكون من لذّة إنما هي سحابة صيف (?) أو خيال طيف!
أحلامُ نومٍ أو كظلّ زائل ... إنّ اللبيبَ بمثلها لا يُخدَعُ (?)
وأعظمُ العقوبات نسيانُ العبد لنفسه، وإهمالُه لها، وإضاعتُه (?) حظَّها ونصيبَها من الله، وبيعُها ذلك بالغبن والهوان وأبخس الثمن.
فضيَّعَ من لا غنى له عنه، ولا عوض له منه، واستبدل به مَن عنه كلُّ الغنى، ومنه كلُّ العِوَض.
من كلّ شيء إذاضيّعتَه عوضٌ ... وما من الله إنْ ضيّعتَه عوضُ (?)