على ذلك انسلاخه من الحياء. وإذا وصل العبد إلى هذه الحال (?) لم يبق في صلاحه (?) مطمع، كما قيل (?):
وإذا رأى إبليسُ طلعةَ وجهه ... حَيَّا، وقال: فديتُ مَن لايفلحُ (?)
والحياء مشتقّ من الحياة، والغْيث يسمَّى (?) "حيًا" بالقصر لأنّ به حياةَ الأرض [33/ أ] والنبات والدوابّ، وكذلك (?) بالحياء حياةُ الدنيا والآخرة، فمن لا حياء فيه ميِّتٌ في الدنيا شقئٌ في الآخرة.
وبيّن الذنوب وبيّن قلّة الحياء وعدم الغيرة تلازم من الطرفين، وكلّ منهما يستدعي الآخر، ويطلبه حثيثًا. ومن استحيا من الله عند معصيته استحيا الله من عقوبته يوم يلقاه، ومن لم يستحْيِ من معصيته لم يستحيِ من عقوبته (?).
فصل
ومن عقوبات الذنوب: أنّها تُضْعِف في القلب تعظيمَ الربّ جل جلاله، وتُضْعِف وقارَه في قلب العبد، ولابدّ، شاء أم أبى. ولو تمكّن وقارُ الله وعظمتُه في قلب العبد لما تجرّأ على معاصيه.