وبهذا يُعلم أن هذه الآية اشتملت على ثلاثة شروط حتى يكون الداعية لا أحد أحكم ولا أحسن قولاً منه في الدنيا أبداً:
الشرط الأول: دعوته إلى اللَّه - تعالى - بأن يُعبد اللَّه وحده، فَيُطاع فلا يُعصى، ويُذكرَ فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر.
الشرط الثاني: عمل الداعية الصالحات بأداء الفرائض، واجتناب المحارم، والقيام بالمستحبات، والابتعاد عن المكروهات، فهو مع دعوته الخلق إلى اللَّه يبادر هو بنفسه إلى امتثال الأوامر واجتناب النواهي.
الشرط الثالث: اعتزاز الداعية بالإسلام وانقياده لأمره شكراً لربه؛ ولأنه على الحق الواضح المبين، فإذا قام الداعية بهذه الشروط الثلاثة، فلا أحد أحسن قولاً منه (?).
ولكن قد يحصل للداعية ما يصدُّه عن دعوته من شياطين الإنس، وشياطين الجن، فبيّن اللَّه - عز وجل - أن المخرج من شياطين الإنس بالإحسان إليهم، ومعاملتهم باللِّين، والعفو عنهم، والإعراض عن جهلهم وإساءتهم.
أما شياطين الجن فلا مَنْجَى منهم إلا بالاستعاذة منهم باللَّه وحده (?)، قال اللَّه تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (?).