4 - إن مستويات الفهم للكلام عند الناس تتفاوت، ولكن الجميع يستوون أمام الرؤية بالعين المجردة، وذلك أيسر في إيصال المفاهيم التي يريد الداعية إيصالها للناس المقتدين به، ومما يدل على ذلك أن البخاري بوّب باباً قال فيه: ((باب الاقتداء بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -))، ثم ساق الحديث: ((اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتماً من ذهب فاتخذ الناس خواتيم من ذهب)) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إني اتخذت خاتماً من ذهب)) فنبذه وقال: ((إني لن ألبسه أبداً))، فنبذ الناس خواتيمهم (?).
قال ابن بطّال: ((فدلّ ذلك على أن الفعل أبلغ من القول)) (?).
ولهذا أمثلة كثيرة؛ فإنه خلع خاتمه فخلعوا خواتيمهم في هذه القصة، ونزع نعله في الصلاة حينما أخبره جبريل أن فيهما أذىً فنزعوا، ولَمّا أمرهم عام الحديبية بالتحلّل وتأخّروا عن المبادرة رجاء أن يأذن لهم في القتال وأن ينصروا فيكملوا عمرتهم، قالت له أم سلمة: اخرج إليهم واذبح واحلق ففعل فتابعوه مسرعين (?)، فدلّ ذلك كله على أهمية القدوة وعظيم مكانتها.
5 - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حذّر الدعاة من المخالفة لِمَا يقولون، فبيّن - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الشريف حال الدعاة الذين يأمرون الناس وينهونهم وينسون أنفسهم، قال: ((أتيت ليلة أُسري بي على قومٍ تُقرض شفاههم بمقاريض من نار، كلَّما قرضت وفت، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: خطباءُ أمتكَ الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرؤون