والصدق في القول بالأخذ بالحق ونبذ الباطل واللغو واللَّهو المحرم.
والصدق في العمل بموافقة القول العمل، وموافقتهما هدي الكتاب والسنة.
ومتى بلغ العبد تحقيق الصدق في هذه المجالات كلها على الوجه الأتم الأكمل كان من الصِّدِّيقين، وكانت الحياة حينئذ لا تساوي عنده إلا بقدر ما يتبلغ به المسافر، وكان ما عند اللَّه - سبحانه وتعالى - أحبّ إليه مما في أيدي الناس.
وسأتناول فيما يلي كل واحد من هذه المجالات ببعض البسط.
1 - الصدق في النية والقصد: الصدق في القصد يستلزم إخلاص النية للَّه - عز وجل - في الدعوة وفي كل طاعة وقربة، فلا يدعو لطلب جاه ولا محمدة ولا وجاهة، ومتى دخل شيء من هذه الشوائب النية خرج الإخلاص المشروط لقبول العمل، ومتى حصل الصدق في القصد وتحقق الإخلاص أثمر ذلك عزيمة صادقة وإرادة ماضية، فلا يتوانى الداعي الصادق عن المضي في إيصال الحق والخير للناس يبتغي بذلك وجه اللَّه والدار الآخرة، يتعلَّم ويعلِّم، ويتوخّى الحق والصدق أينما كان.
2 - الصدق في القول: يستلزم أن لا ينطق الداعي بالباطل أياً كانت صورة هذا الباطل: كذباً، أو شتماً، أو سباباً، أو لعناً، أو فحشاً، أو غيبة، أو نميمة، أو قول الزور .. وبالجملة فهو أبعد الناس عن آفات اللسان. هذا ما يمس حياة الدعاة وسيرتهم الذاتية.
أما في مجال الدعوة فالحال كذلك، فلا يدعو إلا على بصيرة، ومعرفة بالحق ودليله، وبعد تبصّر وتفقّه، فالدعوة لا تصحّ إلا على بصيرة ... ولا يعظ الناس إلا بالصادق من القصص والأمثال، ويبتعد