قلت: يا رسول اللَّه! إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء اللَّه بالإسلام، وإنا منا رجالاً يأتون الكهان، قال: ((فلا تأتهم)).
قال: ومنا رجال يتطيرون، قال: ((ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدّنّهم)) (?)، (قال ابن الصلاح: فلا يصدّنكم)، قال: قلت: ومنا رجال يخطّون، قال: ((كان نبي من الأنبياء يخطّ، فمن وافق خطّه فذاك)) (?).
قال: وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قِبَلَ أُحُد والجوَّانية (?)، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، فأتيت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فعظَّم ذلك عليَّ، قلت: يا رسول اللَّه! أفلا أعتقها، قال: ((ائتني بها))، فأتيته بها، فقال لها: ((أين اللَّه؟)) قالت: في السماء، قال: ((من أنا؟)) قالت: أنت رسول اللَّه. قال: ((أعتقها فإنها مؤمنة)) (?).
وهذا الموقف من أعظم الحكم البارزة السامية التي أوتيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد ظهر أثر ذلك في حياة ونفس معاوية - رضي الله عنه -؛ لأن النفوس مجبولة على حبّ من أحسن إليها، ولهذا قال معاوية - رضي الله عنه -: ما رأيت معلِّماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه.