الْعَصْر أَن منصب الْخلَافَة وَغَيره من أَحْكَام الْإِسْلَام هُوَ سَبَب ضعف الْمُسلمين وَأَنه لَا تقوم لَهُم بهَا قَائِمَة، وَلَا يكونُونَ مَعَ التزامها أمة عزيزة غنية وَالْأَمر بالضد. .
والعلاج الشافي من هَذَا الدَّاء، والدواء المستأصل لهَذَا الوباء، هُوَ إحْيَاء منصب الْإِمَامَة، بِإِعَادَة سلطة أهل الْحل وَالْعقد الْمعبر عَنْهُم بِالْجَمَاعَة، لإِقَامَة الْحُكُومَة الإسلامية الصَّحِيحَة، الَّتِي هِيَ خير حُكُومَة يصلح بهَا أَمر الْمُسلمين بل أَمر سَائِر الْبشر، بجمعها بَين الْعدْل والمساواة وَحفظ الْمصَالح وَمنع الْمَفَاسِد وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، وكفالة القاصرين والعاجزين، وكفاية الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من صدقَات الْمُسلمين، فَفِيهَا علاج لجَمِيع الْمَفَاسِد الاجتماعية، فِي حكومات المدنية المادية، الَّتِي ألجأت الْجَمَاعَات الْكَثِيرَة إِلَى البلشفية والفوضوية. .
فَإِذا أقيم بِنَاء حُكُومَة منظمة على هَذِه الأسس وَالْقَوَاعِد لَا تلبث بعد ظُهُور أمرهَا، أَن تكون قدوة للأمم الْحرَّة الَّتِي أمرهَا بِيَدِهَا، وَلَا يَسْتَطِيع أكَابِر مجرميها أَن يَمْكُرُوا بعد ذَلِك فِيهَا، ليصدوها عَنْهَا ويغووها، وَحِينَئِذٍ ينجز الله وعده لنا، كَمَا أنجزه لمن قبلنَا، فِي قَوْله تَعَالَى: {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم} الْآيَة. .
فَالْوَاجِب على حزب الْإِصْلَاح الَّذِي نقترحه أَن يُوَجه كل قَصده وهمه أَولا إِلَى بَيَان شكل حُكُومَة الْخلَافَة الإسلامية الْأَعْلَى بالنظام اللَّائِق بِهَذَا الْعَصْر الَّذِي امتاز بالنظام على سَائِر العصور، ثمَّ يحاول إقناع أَصْحَاب النّفُوذ فِي الْبِلَاد الإسلامية المرجوة لتنفيذه بِمَا فِيهِ من الْمصَالح وَالْمَنَافِع والسعادة، وبتفضيله على جَمِيع أَنْوَاع الحكومات فِي الْعَالم، وبإمكان تنفيذه، وَدفع كل مَا للمتفرنجين واليائسين من الشُّبُهَات على ذَلِك، وكل ذَلِك سهل كَمَا جربنَا بِأَنْفُسِنَا. .
ثمَّ ليعلم هَذَا الحزب أَن الْفَوْز فِي هَذَا يتَوَقَّف على التَّأْلِيف والتوحيد بَين الْعَرَب وَالتّرْك، وإنفاقهما عَلَيْهِ وَلَو بِالْجُمْلَةِ ومراعاة مَا قوى فِي هَذَا الْعَصْر من العصبية الجنسية مَعَ اتقاء ضررها بِقدر الِاسْتِطَاعَة، وَكَذَا عصبية الْمَذْهَب عِنْد طَائِفَة الزيدية، لَا لِأَن جمع الْكَلِمَة ووحدة الْأمة من أهم مَا يجب من أَعمال الْخَلِيفَة فَقَط بل لِأَن النجاح الْمَطْلُوب فِي هَذَا الْأَمر يتَوَقَّف على تعاون الشعبين عَلَيْهِ. . ذَلِك أَن إحْيَاء