قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
من خرج من الطَّاعَة وَفَارق الْجَمَاعَة فَمَاتَ، مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة، وَمن قَاتل تَحت راية عمية يغْضب لعصبة أَو يَدْعُو إِلَى عصبَة أَو ينصر عصبَة فَقتل فَقتله جَاهِلِيَّة، وَمن خرج على أمتِي يضْرب برهَا وفاجرها، وَلَا يتحاشى من مؤمنها، وَلَا يَفِي الَّذِي عهد عَهده، فَلَيْسَ مني وَلست مِنْهُ - وَفِي رِوَايَة - يغْضب للْعصبَةِ وَيُقَاتل للْعصبَةِ فَلَيْسَ من أمتِي " رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة والعمية بِضَم الْعين وَكسرهَا (لُغَتَانِ) وَتَشْديد الْمِيم وفسروها بِالْكبرِ والضلال وَالْمرَاد بهَا عَظمَة الْقُوَّة والبطش، والتغلب الَّذِي لَا يُرَاد بِهِ الْحق وَلذَلِك بَينه بِأَنَّهُ يغْضب للْعصبَةِ وَهِي بِالتَّحْرِيكِ قوم الرجل الَّذين يعصبونه ويعتصب بهم أَي يُقَوي ويشتد، وَفِي رِوَايَة العصبية وَهِي نِسْبَة إِلَى الْعصبَة. .
وَأَنت تعلم أَن المتغلبين مَا قَامُوا وَلَا يقومُونَ إِلَّا بالعصبية، المُرَاد بهَا عَظمَة الْملك العمية، لَا يقصدون بقتالهم إعلاء كلمة الله، وَلَا إِقَامَة ميزَان الْحق وَالْعدْل بَين جَمِيع النَّاس، وَمَا أفسد على هَذِه الْأمة أمرهَا، وأضاع عَلَيْهَا ملكهَا إِلَّا جعل طَاعَة هَؤُلَاءِ الجبارين الباغين وَاجِبَة شرعا على الْإِطْلَاق، وَجعل التغلب أمرا شَرْعِيًّا كمبايعة أهل الِاخْتِيَار من أولي الْأَمر، وَأهل الْحل وَالْعقد للْإِمَام الْحق، وَجعل عهد كل متغلب بَاغ إِلَى وَلَده أَو غَيره من عصبته، لأجل حصر السُّلْطَان والجبروت فِي أسرته، حَقًا شَرْعِيًّا وأصلا مرعيا لذاته، وَعدم التَّفْرِقَة بَين اسْتِخْلَاف مُعَاوِيَة وَلَده يزِيد الْفَاسِق الْفَاجِر بالرغم من أنوف الْمُسلمين، وَبَين عهد الصّديق الْأَكْبَر واستخلافه للْإِمَام الْعَادِل عمر بن الْخطاب ذِي المناقب الْعَظِيمَة بعد مُشَاورَة أهل الْحل وَالْعقد فِيهِ وإقناعهم بِهِ، وَالْعلم بتلقيهم لَهُ بِالْقبُولِ ...
:
كَانَ سَبَب تغلب بني أُميَّة على أهل الْحل وَالْعقد من الْأمة أَن قُوَّة الْأمة الإسلامية الْكُبْرَى فِي عَهدهم كَانَت قد تَفَرَّقت فِي الأقطار الَّتِي فتحهَا الْمُسلمُونَ وانتشر فِيهَا الْإِسْلَام بِسُرْعَة غَرِيبَة وَهِي مصر وسورية وَالْعراق، وَكَانَ أهل هَذِه الْبِلَاد قد تربوا بمرور الأجيال على الخضوع لحكامهم المستعمرين من الرّوم وَالْفرس، فَلَمَّا صَارَت أزمة أُمُورهم بيد حكامهم من الْعَرَب استخدمهم مُعَاوِيَة الَّذِي سنّ سنة التغلب السَّيئَة فِي الْإِسْلَام على الخضوع لَهُ بِجعْل الْوُلَاة فيهم من صنائعه الَّذين يؤثرون المَال