غَيرهم، وَمن لم يتبعهُم بِالِاخْتِيَارِ، سهل عَلَيْهِم إكراهه بِقُوَّة الْأمة على الطَّاعَة والانقياد. . وَمن رُؤَسَائِهِمْ فِي هَذَا الْعَصْر قواد الْجَيْش كوزيرى الحربية والبحرية وأركان الْحَرْب لَهما. . وَمَتى تمت الْبيعَة فِي العاصمة وَجب أَن تتبعها الولايات بمبايعة ولاتها إِذا كَانُوا يتبعُون فِيهَا، وَإِلَّا وَجب أَن يَنْضَم إِلَيْهِم زعماء أَهلهَا من الْعلمَاء والقواد وَغَيرهم. .
وَغلط بعض الْمُعْتَزلَة وَالْفُقَهَاء فَقَالُوا: إِن الْبيعَة تَنْعَقِد دَائِما بِخَمْسَة مِمَّن يصلح للْإِمَامَة بِدَلِيل مَا أَشَارَ بِهِ عمر إِذْ حصر الشورى فِي المرشحين السِّتَّة وَقبل جَمِيع الصَّحَابَة مِنْهُ ذَلِك فَكَانَ إِجْمَاعًا. . نعم كَانَ إِجْمَاعًا على الشورى وعَلى أُولَئِكَ السِّتَّة فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة، لَا إِجْمَاعًا على ذَلِك الْعدَد فِي كل مبايعة، وَقَالُوا إِن مَذْهَب الأشعرى أَنَّهَا تَنْعَقِد بِعقد وَاحِد مِنْهُم إِذا كَانَ بمشهد من الشُّهُود وَهُوَ غلط وَاضح؟ وَقد ذكر هَذَا القَوْل الْفُقَهَاء مُقَيّدا بِمَا إِذا انحصر الْحل وَالْعقد فِيهِ بِأَن وثق زعماء الْأمة بِهِ وفوضوا أَمرهم إِلَيْهِ، وَهَذَا لم يَقع وينذر أَن يَقع. . وإمامة عُثْمَان لم تكن بمبايعة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَحده بل كَانَت عَامَّة لَا خَاصَّة بِهِ، وَكَذَلِكَ مبايعة عمر لأبي بكر، فَإِن الْإِمَامَة لم تَنْعَقِد بمبايعته وَحده، بل بمتابعة الْجَمَاعَة لَهُ، وَقد صَحَّ أَن عمر أنكر على من زعم أَن الْبيعَة تَنْعَقِد بِوَاحِد من غير مُشَاورَة الْجَمَاعَة وَكَانَ بلغه هَذَا القَوْل فِي أثْنَاء حجه فعزم على بَيَان حَقِيقَة أَمر الْمُبَايعَة وَمَا يشْتَرط فِيهَا من الشورى على جَمَاهِير الْحجَّاج فَذكره بَعضهم بِأَن الْمَوْسِم يجمع أخلاط النَّاس وَمن لَا يفهمون الْمقَال، فيطيرون بِهِ كل مطار، وَأَنه يجب أَن يرجئ هَذَا الْبَيَان إِلَى أَن يعود إِلَى الْمَدِينَة فيلقيه على أهل الْعلم والرأي فَفعل ...
قَالَ على مِنْبَر الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : بَلغنِي أَن قَائِلا مِنْكُم يَقُول وَالله لَو مَاتَ عمر لبايعت فلَانا، فَلَا يغترن امْرُؤ أَن يَقُول إِن بيعَة أبي بكر كَانَت فلتة فتمت، أَلا وَإِنَّهَا قد كَانَت كَذَلِك وَلَكِن وقى الله شَرها، وَلَيْسَ فِيكُم من تتطلع إِلَيْهِ الْأَعْنَاق مثل أبي بكر، من بَايع رجلا من غير مشورة من الْمُسلمين فَلَا يُبَايع هُوَ وَلَا الَّذِي بَايعه لغرة أَن يقتلا. ثمَّ سَاق خبر بيعَة أبي بكر وَمَا كَانَ يخْشَى من وُقُوع الْفِتْنَة بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار لَوْلَا تِلْكَ الْمُبَادرَة بمبايعته للثقة