الْمدَارِس الدِّينِيَّة فجعلوه قَلِيلا لَا يَكْفِي للمحافظة على الدّين وَالشَّرْع، (وَمِنْهَا) جعل الْخلَافَة والسلطنة مظْهرا مؤقتا لَا أَمر لصَاحبه وَلَا نهي، وَلَكِن يُسْتَفَاد من اسْمه، فِي تَنْفِيذ مَا لَا يقبله الْجُمْهُور من غَيره، حَتَّى شاع أَنهم كَانُوا يصدرون الإرادات السّنيَّة بإمضاء السُّلْطَان مُحَمَّد رشاد وَهُوَ لَا يدْرِي (وَمِنْهَا) إِفْسَاد الْآدَاب والأخلاق الإسلامية بِالْعَمَلِ فأباحوا للنِّسَاء التركيات هتك الْحجاب والتبرج والتهتك، بل أباحوا لَهُنَّ الْبغاء وَكَانَت إِبَاحَته مَقْصُورَة من قبل على غير المسلمات. . وَقد حَدثنِي الْأَمِير شكيب أرسلان فِي (جنيف سويسره) عَن طلعت باشا الصَّدْر الْأَعْظَم أَن عاهل الألمان لما زار الآستانة فِي أثْنَاء الْحَرْب وَرَأى النِّسَاء التركيات سافرات متبرجات عذله على ذَلِك وَذكر لَهُ مَا فِيهِ من الْمَفَاسِد الأدبية والمضار الاقتصادية الَّتِي تَئِنُّ مِنْهَا أوربة وتعجز عَن تلافيها. . وَقَالَ لَهُ:
إِن لكم وقاية من ذَلِك كُله بِالدّينِ أفتزيلونها بِأَيْدِيكُمْ؟
لم يكن منصب الْخلَافَة الَّذِي يتحلى بلقبه السُّلْطَان مَانِعا للاتحاديين من عمل من الْأَعْمَال الَّتِي تهدم الدّين وتمحو أَثَره من الدولة ثمَّ من الْأمة؛ لِأَن الْخلَافَة لم تكن إِلَّا لقبا رسميا لَهُ بعض من التَّأْثِير فِي خَارج الدولة كاحترام الدول لَهُ وَتعلق مُسْلِمِي رعاياها وَمن تَحت نفوذها مِنْهُم بِهِ، أما دَاخل الدولة بل الدولة نَفسهَا، فَلم يكن للخليفة فِيهَا ديوَان خَاص ذُو نظام وتقاليد يَسْتَعِين بِهِ الْخَلِيفَة على شئ من أَعمال الْحُكُومَة فِي إِقَامَة الشَّرْع والمحافظة على الدّين، وَالنَّظَر فِي مصَالح الْمُسلمين. . لم يكن فِي (المابين الهمايوني) مستوى الْخَلِيفَة السُّلْطَان شئ من هَذَا. .
وَإِنَّمَا كَانَ يُوجد فِي الوزارة عُضْو يُسمى شيخ الْإِسْلَام، وَله دَار تسمى (بَاب المشيخة الإسلامية) هِيَ مقرّ رجال الْفَتْوَى وإدارة المحاكم الشَّرْعِيَّة وإدارة التَّعْلِيم الديني. . وَلَكِن المشيخة الإسلامية بلغت من الضعْف أَن صَارَت عاجزة عَن حفظ هَذِه الْمصَالح الْخَاصَّة بهَا، فَلم يقدر شيخ الْإِسْلَام أَن يمْنَع الْحُكُومَة الاتحادية من سلب المحاكم الشَّرْعِيَّة مِنْهُ وَجعلهَا تَابِعَة للعدلية (الحقانية) وَلَا من التَّضْيِيق على التَّعْلِيم الديني، فَهَل يقدر على منعهَا من إِبَاحَة الزِّنَا للمسلمات، أَو غَيرهَا من تِلْكَ