فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52].
ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ حُبُوطِ أَعْمَالِ مُتَوَلِّيهِمْ لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ لِذَلِكَ مِنَ الْحَذِرَيْنِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} [المائدة:53].
وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخَاذِ أَعْدَائِهِ أَوْلِيَاءَ وَقَدْ كَفَرُوا بِالْحَقِّ الَّذِي جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ سُوءٍ يَنَالُونَهُمْ بِهِ بِأَيْدِيهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ إِذَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة:1]،إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة:2].
وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ الْمُسْلِمِينَ أُسْوَةً حَسَنَةً فِي إِمَامِ الْحُنَفَاءِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ تَبَرَّءُوا مِمَّنْ لَيْسَ عَلَى دِينِهِمُ امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ، وَإِيثَارًا لِمَرْضَاتِهِ وَمَا عِنْدَهُ، فَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4].
وَتَبَرَّأَ سُبْحَانَهُ مِمَّنِ اتَّخَذَ الْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَذَّرَهُ نَفْسَهُ أَشَدَّ التَّحْذِيرِ فَقَالَ: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران:28]." (?)
وقال أيضا:"وَلَمَّا كَانَتِ التَّوْلِيَةُ شَقِيقَةَ الْوِلَايَةِ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُمْ نَوْعًا مِنْ تَوَلِّيهِمْ، وَقَدْ حَكَمَ تَعَالَى بِأَنَّ مَنْ تَوَلَّاهُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، وَلَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ، وَالْوَلَايَةُ تُنَافِي الْبَرَاءَةَ، فَلَا