واستدل الحنفيّة على جواز الاستعانة بالكفار ضد البغاة والخوارج إذا كان حكم الإسلام هو الظاهر بأن الاستعانة بأهل الذمة أو غيرهم على الخوارج أنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِهِمْ كَالِاسْتِعَانَةِ بِالْكِلَابِ عَلَيْهِمْ. (?)
والذي يترجّح لي بعد عرض هذه المسألة هو مذهب الجمهور فلا يجوز الاستعانة بالكفار على المسلمين البغاة، وذلك لما يلي:
1 - أن قتال البغاة يختلف عن قتال الكفار، فالمقصود من قتال البغاة ردّهم إلى الطاعة ودفع شرّهم لا قتلهم، وتسليط الكفار عليهم قد يؤدّي إلى قتلهم.
2 - أن قياس الحنفيّة الاستعانة بالكفار ضد البغاة على الاستعانة بالكلاب قياس مع الفارق؛ لأنّ الكلب حيوان لا نيّة له، وإنما هو رهن إشارة لصاحبه، وأما الكافر فإنه له نيّة وقصد، وقد أخبر الله عن نوايا الكفار بقوله: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة:10] وغير ذلك من الآيات الدالة على إرادة الكفار للشر بالمؤمنين.
3 - أن الإمام إذا ضعف عن قتال أهل البغي فله أن يُؤخّر قتالهم إلى أن تُمْكِنَه القوةُ عليهم، فيؤخّرُهم حتى تقوى شوكةُ أهل العدل ثم يقاتلهم. (?)
- - - - - - - - - - - -