فإنْ كانَ في الاجِتْماعِ للصَلَواتِ خَطَرٌ لاخِتِلافِ أحْوالِ القِتالِ في زَمانِنا؛ ورُبما أصابَ العَدُوُّ المُصلينَ بِرِمايَتِهِم فلا حَرَجَ عَلَيْهِمْ أنْ يَصَلّوا مُتَفَرِّقينَ جَماعاتٍ أو فُرادَى، ولَهُ أنْ يَصَلِّيَ في الخَنْدَقِ ولوْ جالِساً إنْ تَعَذرَ الوُقُوف؛ للأدِلَّةِ التي أشَرْنا إلى بَعْضِها؛ ويأتِي غَيرُها في موضعٍ آخرَ إنْ شاءَ الله؛ ولِعُمُومِ قَوْلِهِ تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها}؛ وقَولِه تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ ما اسْتَطَعْتُمْ}.
ولا حَرَجَ أنْ يُصَلِّيَ جالِساً عَلَى مَقْعَدِ السلاحِ كَمُضادَّاتِ الطيَرانِ مَثَلاً إنْ اقْتَضَى حالُ الحَذَرِ أو القِتالِ ذلك؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}؛ فإنَّ قَوْلَهُ: {أَوْ رُكْباناً}؛ " مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْكُمْ أَنْ تُصَلُّوا قَانِتِينَ مُوَفِّينَ لِلصَّلَاةِ حَقَّهَا لِخَوْفٍ فَصَلُّوا مُشَاةً عَلَى أَرْجُلِكُمْ أَوْ رُكْبَانًا عَلَى ظُهُورِ دَوَابِّكُمْ، وَهَذَا فِي حَالِ الْمُقَاتَلَةِ وَالْمُسَايَفَةِ يُصَلِّي حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبَلِهَا وَيُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ