بَلْ لَوْ كانَ المُجاهِدُونَ في سَعَةٍ فليُصَلُّوا بِهذهِ الهَيْئَةِ مَرَّةً وبِتِلْكَ أُخْرى؛ لِما في ذلكَ مِنْ تَعْلِيمِها للمُجاهدِينَ؛ ولِما فِيهِ مِنَ العَمَلِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلِّها، وحِمايَتِها مِنَ الترْكِ وَالهُجْرانِ، والوِقايَةِ من انْقِلابِ السنَّةِ عادَةً بالمُداوَمَةِ عَلَى صِفَةٍ واحِدَةٍ؛ ولِما يَكُونُ مَعَ التنَقُّلِ بَيْنَ الهَيْئاتِ مِن اسْتِحضارِ النِيَّةِ، وهذا هوَ الصوابِ في كُلِّ ما وَرَدَ في السنَّةِ عَلى هذه الشاكِلَةِ، كأدْعِيَةِ الاسْتِفْتاحِ وصِيَغِ التشهُّدِ والأذكارِ عَقِيبَ الصلَواتِ؛ ونَحْوِ ذلك.
قالَ ابنُ كثيرٍ رحمه الله: صَلَاةُ الْخَوْفِ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ، فَإِنَّ الْعَدُوَّ تَارَةً يَكُونُ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ، وَتَارَةً يَكُونُ فِي غَيْرِ صَوْبها، وَالصَّلَاةُ تَارَةً تَكُونُ رُبَاعِيَّةً، وَتَارَةً ثُلَاثِيَّةً كَالْمَغْرِبِ، وَتَارَةً ثُنَائِيَّةً، كَالصُّبْحِ وَصَلَاةِ السَّفَرِ، ثُمَّ تَارَةً يُصَلُّونَ جَمَاعَةً، وَتَارَةً يَلْتَحِمُ الْحَرْبُ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْجَمَاعَةِ، بَلْ يُصَلُّونَ فُرَادَى مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرِ مُسْتَقْبِلِيهَا، وَرِجَالًا وَرَكِبَانَا، وَلَهُمْ أَنْ يَمْشُوا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَيَضْرِبُوا الضَّرْبَ الْمُتَتَابِعَ فِي مَتْنِ الصَّلَاةِ.
وَمِنِ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: يُصَلُّونَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ رَكْعَةً وَاحِدَةً؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي الْحَوَاشِي: وَبِهِ قَالَ