المبحث الثالث
الهَيْئَةُ المناسِبَةُ منْ صَلاةِ الخَوفِ للقِتالِ في زَمانِنا
وَرَدَ في صلاةِ الخوْفِ هَيئاتٌ مَخْتَلِفَةٍ فأيُّ هَيْآتِها أفْضل؟؛ خاصَّةً وأنَّ أساليبَ القِتالِ قدْ تَغَيَّرَتْ في زَمانِنا؛ بَحَيْثُ يَكُونُ فِي الاجْتِماعِ للصلاةِ خَطَرٌ على المُصلين؟.
الجَواب: الحَمْدُ للهِ؛ وبَعْد:
فإنَّ صلاةَ الخَوْفِ قَدْ ثَبَتَتْ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهْئئاتٍ عِدَّةٍ؛ وكُلُّ ما ثَبَتَ عَنْهُ فالصلاةُ بهِ سُنَّةُ مَشرُوعَةٌ، ولَوْ قِيلَ بالتَفْضيلِ لكانَ الوارِدُ في كِتابِ اللهِ أَوْلَى؛ بلْ صرَّحَ الفَخْرُ الرازِيُّ بأنَّ مَرَدَّ الاخْتِلافِ هُوَ الأشدُّ مُوافَقَةً لظاهِرِ الآية، وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ اخْتَلافُ هَيْآتِها لأنَّ النبِيَّ صلى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ صلاها في أوْقاتٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسْبِ المَصْلَحَة.
وأحْسَنُ ما يُقالُ في اخْتِلافِ الهَيْئاتِ أنَّ الأفْضَلَ مِنْها ما كانَ أنْسَبَ لِحالِ القِتال، فَيَتَخَيَّرُ أمِيرُ الجُنْدِ أو قائِدُ السرِيَّةَ ما يَراهُ أَوْفَقَ لِلْحالِ؛ وإنما جَعَلْنا التخْييرَ للأميرِ لأَنَهُ أدْرَى بِعَدُوِّهِ؛ وأَعْلَمُ بِما يَحْتاجُ إليْهِ مِنَ الحَيْطَةِ والحَذر.