وَالْجِنُّ تَتَصَوَّرُ بِصُورَتِهِ كَثِيرًا وَكَذَلِكَ صُورَةُ الْقِطِّ الْأَسْوَدِ؛ لِأَنَّ السَّوَادَ أَجْمَعُ لِلْقُوَى الشَّيْطَانِيَّةِمٍن غَيْرِهِ وَفِيهِ قُوَّةُ الْحَرَارَةِ. وَمِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى الْجِنِّ الذَّبَائِحُ فَإِنَّمٍن النَّاسِ مَنْ يَذْبَحُ لِلْجِنِّ وَهُوَ من الشِّرْكِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ" (?)

وَإِذَا بَرِئَ الْمُصَابُ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَأَمْرِ الْجِنِّ وَنَهْيِهِمْ وَانْتِهَارِهِمْ وَسَبِّهِمْ وَلَعْنِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مٍن الْكَلَامِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ مَرَضَ طَائِفَةٍ مِن الْجِنِّ أَوْ مَوْتَهُمْ فَهُمْ الظَّالِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَ الرَّاقِي الدَّاعِي الْمُعَالِجُ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِمْ كَمَا يَتَعَدَّى عَلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعَزَائِمِ فَيَأْمُرُونَ بِقَتْلِ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَقَدْ يَحْبِسُونَ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَبْسِهِ؛ وَلِهَذَا قَدْ تُقَاتِلُهُمْ الْجِنُّ عَلَى ذَلِكَ فَفِيهِمْ مَنْ تَقْتُلُهُ الْجِنُّ أَوْ تُمْرِضُهُ، وَفِيهِمْ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ أَوْ دَوَابِّهِ.

وَأَمَّا مَنْ سَلَكَ فِي دَفْعِ عَدَاوَتِهِمْ مَسْلَكَ الْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْلِمْهُمْ بَلْ هُوَ مُطِيعٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ وَالتَّنْفِيسِ عَن الْمَكْرُوبِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شِرْكٌ بِالْخَلْقِ وَلَا ظُلْمٌ لِلْمَخْلُوقِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا تُؤْذِيهِ الْجِنُّ إمَّا لِمَعْرِفَتِهِمْ بِأَنَّهُ عَادِلٌ؛ وَإِمَّا لِعَجْزِهِمْ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ الْجِنُّ مِنَ الْعَفَارِيتِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَقَدْ تُؤْذِيهِ، فَيَنْبَغِي لِمِثْلِ هَذَا أَنْ يَحْتَرِزَ بِقِرَاءَةِ الْعَوْذِ مِثْلَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالْمُعَوِّذَاتِ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُقَوِّي الْإِيمَانَ، وَيُجَنِّبُ الذُّنُوبَ الَّتِي بِهَا يُسَلَّطُونَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ فَلْيَحْذَرْ أَنْ يَنْصُرَ الْعَدُوَّ عَلَيْهِ بِذُنُوبِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فَوْقَ قُدْرَتِهِ فَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا، فَلَا يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ. وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَنْتَصِرُ بِهِ عَلَيْهِمْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015