جِنَايَاتٌ وَعُقُوبَاتٌ مُتَكَرِّرَةٌ مُتَقَابِلَةٌ فَلَمْ تُخَالِفْ الْقَوَاعِدَ كَمَا لِلْأَصْلِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَاحِدَةٌ عَظِيمَةٌ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ دَفْعِ دِرْهَمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ حَقِيرَةٌ بَلْ هُوَ جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّ مَطْلَ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَالْإِصْرَارَ عَلَى الظُّلْمِ وَالتَّمَادِي عَلَيْهِ جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ فَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ التَّخْلِيدَ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كَمَا لِابْنِ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ (الرَّابِعُ) حَبْسُ مَنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ اخْتِبَارٌ لِحَالِهِ فَإِذَا ظَهَرَ حَالُهُ حُكِمَ بِمُوجِبِهِ عُسْرًا أَوْ يُسْرًا.
(الْخَامِسُ) حَبْسُ الْجَانِي تَعْزِيرًا أَوْ رَدْعًا عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى.
(السَّادِسُ) حَبْسُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ الْوَاجِبِ الَّذِي لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَحَبْسِ مَنْ أَسْلَمَ عَنْ أُخْتَيْنِ أَوْ عَشْرَةِ نِسْوَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا، وَامْتَنَعَ مِنْ التَّعْيِينِ.
(السَّابِعُ) حَبْسُ مَنْ أَقَرَّ بِمَجْهُولِ عَيْنٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِهِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يُعَيِّنَهُ فَيَقُولُ الْمُقِرُّ بِهِ هُوَ هَذَا الثَّوَابُ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ أَوْ الشَّيْءُ الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ فِي ذِمَّتِي هُوَ دِينَارٌ.
(الثَّامِنُ) حَبْسُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَيُقْتَلُ فِيهِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَنْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِ الْحَجِّ، وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَأَمَّا تَرْكُ السُّنَنِ فَمِثَالُهُ تَرْكُ الْوِتْرِ قَالَ أَصْبَغُ بِتَأْدِيبِ تَارِكِ الْوِتْرِ اهـ هَذَا مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ.
(التَّاسِعُ) مَنْ يُحْبَسُ اخْتِبَارٌ لِمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ السَّرِقَةِ وَالْفَسَادِ.
(الْعَاشِرُ) حَبْسُ الْمُتَدَاعِي فِيهِ قَالَ تُسُولِيُّ الْعَاصِمِيَّةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الطَّالِبَ إمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِعَدْلَيْنِ أَوْ بِعَدْلٍ أَوْ بِمَجْهُولٍ مَرْجُوٍّ تَزْكِيَتُهُ أَوْ بِمَجْهُولَيْنِ كَذَلِكَ أَوْ بِلَطْخٍ أَوْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَالتَّوْقِيفُ فِي الْأَوَّلِ لَيْسَ إلَّا لِلْإِعْذَارِ مَا لَا خَرَاجَ لَهُ مِنْ الْعَقَارِ بِالْغَلْقِ، وَمَا لَهُ خَرَاجٌ يُوقَفُ خَرَاجُهُ، وَغَيْرُ الْعَقَارِ مِنْ الْعُرُوضِ وَالثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ بِالْوَضْعِ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ، وَبِيعَ وَوُضِعَ ثَمَنُهُ عِنْدَهُ فِي الثِّمَارِ إنْ كَانَ مِمَّا يَفْسُدُ، وَفِي الثَّانِي لِلْإِعْذَارِ فِيهِ أَوْ لِإِقَامَةِ ثَانٍ إنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ لِرَجَاءِ شَاهِدٍ آخَرَ فَالْمَنْعُ مِنْ التَّفْوِيتِ فَقَطْ فِي الْعَقَارِ، وَلَا يَنْزِعُ مِنْ يَدِهِ لَكِنْ يُوقِفُ مَالَهُ خَرَاجٌ مِنْهُ، وَفِي غَيْرِ الْعَقَارِ بِالْوَضْعِ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ، وَبَيْعِ مَا يَفْسُدُ أَيْضًا إلَّا