الْقَوْل الأَْوَّل: يُخْرَجُ مِنْ حَبْسِهِ لِلْعِلاَجِ وَالْمُدَاوَاةِ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ كَالْخَصَّافِ وَابْنِ الْهُمَامِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلاَمِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.
الْقَوْل الثَّانِي: لاَ يُخْرَجُ إِلاَّ بِكَفِيلٍ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
الْقَوْل الثَّالِثُ: يُعَالَجُ فِي الْحَبْسِ وَلاَ يُخْرَجُ، وَالْهَلاَكُ فِي الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَقَدِ اهْتَمَّ الْمُسْلِمُونَ مُنْذُ الْقَدِيمِ بِرِعَايَةِ الْمَرْضَى فِي السُّجُونِ، فعن مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَمْرِ السُّجُونِ وَيُسْتَوْثَقُ مِنْ أَهْلِ الذِّعَارَاتِ، وَكَتَبَ لَهُمْ بِرِزْقِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ. قَالَ مُوسَى: فَرَأَيْتُهُمْ يُرْزَقُونَ عِنْدَنَا شَهْرًا بِشَهْرٍ، وَيُكْسَوْنَ كِسْوَةً فِي الشِّتَاءِ وَكِسْوَةً فِي الصَّيْفِ ". (?)
وَفِي زَمَنِ الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِرِ خُصِّصَ بَعْضُ الأَْطِبَّاءِ لِلدُّخُول عَلَى الْمَرْضَى فِي السُّجُونِ كُل يَوْمٍ، وَحَمْل الأَْدْوِيَةِ وَالأَْشْرِبَةِ لَهُمْ وَرِعَايَتِهِمْ وَإِزَاحَةِ عِلَلِهِمْ (?).
لِلْفُقَهَاءِ قَوْلاَنِ فِي تَمْكِينِ الْمَحْبُوسِ مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: يُمْنَعُ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى صَلاَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ لِيَضْجَرَ قَلْبُهُ وَيَنْزَجِرَ إِنْ رَأَى الْحَاكِمُ الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ، هَذَا قَوْل أَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْقَوْل عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (?).
الْقَوْل الثَّانِي: لاَ يُمْنَعُ الْمَحْبُوسُ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى صَلاَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ لأَِهَمِّيَّتِهَا، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلاَمِ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَبِهِ قَال الْبَغَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلاَمِ السَّرَخْسِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْبُوَيْطِيِّ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ (?).